التّفكّري الزنجاني ، قال : سمعت أبا علي الحسن بن علي بن بندار الزنجاني الشيخ الصالح ، قال :
كان أحمد بن صالح يمتنع على المرد من رواية الحديث لهم تعففا وتنزها ، ونفيا للظنّة عن نفسه ، وكان أبو داود يحضر مجلسه ويسمع منه ، وكان له ابن أمرد يحبّ أن يسمعه حديثه ، وعرف عادته في الامتناع عليه من الرواية ، فاحتال أبو داود بأن شدّ على ذقن ابنه قطعة من الشعر ، ليتوهم ملتحيا ، ثم أحضره المجلس ، وأسمعه جزءا فأخبر الشيخ بذلك ، فقال لأبي داود : أمثلي يعمل معه مثل هذا؟ فقال له : أيها الشيخ لا تنكر عليّ ما فعلته ، واجمع ابني هذا مع شيوخ الفقهاء والرواة ، فإن لم يقاومهم بمعرفته فاحرمه حينئذ من السماع ، قال : فاجتمع طائفة من الشيوخ ، فتعرّض لهم هذا الابن مطارحا ، وغلب الجميع بفهمه ، ولم يرو له الشيخ مع ذلك شيئا من حديثه ، وحصل له ذلك الجزء الأول (١).
قال الشيخ : وأنا أرويه ، وكان ابن أبي داود يفتخر برواية هذا الجزء الواحد.
أخبرنا أبو الحسن (٢) بن قبيس ، وابن سعيد ، قالا : نا وأبو النجم ، أنا أبو بكر الخطيب (٣) ، قال : كتب إليّ أبو ذرّ (٤) عبد بن أحمد الهروي من مكّة يذكر أنه سمع أبا حفص بن شاهين يقول : سمعت أبا بكر بن أبي داود (٥) يقول : دخلت الكوفة ومعي درهم واحد ، فاشتريت به ثلاثين مدا باقلّى ، فكنت آكل منه مدّا (٦) ، وأكتب عن أبي سعيد الأشجّ ألف حديث ، فلما كان الشهر حصل معي ثلاثون ألف حديث ، قال أبو ذرّ : من بين مقطوع ومرسل وموقوف.
قال الخطيب (٧) : وأنا أبو منصور محمّد بن عيسى الهمذاني (٨) ، نا أبو الفضل
__________________
(١) نقله الذهبي في سير أعلام النبلاء ١٣ / ٢٢٦ ـ ٢٢٧ وأعاده في صفحة ٢٣١.
(٢) بالأصل وم : أبو الحسين ، خطأ والصواب ما أثبت ، وقد مرّ هذا السند كثيرا.
(٣) تاريخ بغداد ٩ / ٤٦٦.
(٤) بالأصل : «أبو داود» وفي م : «أبو داود عبد الله» وكلاهما تحريف والصواب ما أثبت عن تاريخ بغداد.
(٥) عن م وبالأصل : ذر.
(٦) يعني كل يوم ، وهو ما يتضح بعد من سياق العبارة التالية.
(٧) تاريخ بغداد ٩ / ٤٦٥.
(٨) عن تاريخ بغداد ، وبالأصل وم : الهمداني.