له يوسف من بني إسرائيل ، وكان من خدم بيت المقدس ، فخافت أن يكون الشيطان استزلّه فمن ثمّ قالت : (أَعُوذُ بِالرَّحْمنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا) يعني إن كنت تخاف الله (قالَ) جبريل وتبسّم : (إِنَّما أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلاماً زَكِيًّا) يعني لله مطيعا من غير بشر قالت : (قالَتْ : أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ) أو ولد (وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ) يعني زوجا ، لأن الأنثى تحمل من الذكر ، (وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا) ، أي مومسة ، (قالَ) جبريل : (كَذلِكِ) يعني هكذا (قالَ رَبُّكِ : هُوَ)(عَلَيَّ هَيِّنٌ) يعني خلقه من غير بشر وهو من غير زوج ، وهو يخلق ما يشاء (وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ) قال : يعني عبرة للناس قال ابن عبّاس : والناس هاهنا للمؤمنين خاصة ، (وَرَحْمَةً مِنَّا) لمن صدّق بأنه رسول الله (وَكانَ أَمْراً مَقْضِيًّا) يعني كائنا أن يكون من غير بشر (وَيُعَلِّمُهُ) (الْكِتابَ)(٣) يعني يخط الكتاب بيده (وَالْحِكْمَةَ) يعني الحلال والحرام (وَيُعَلِّمُهُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ) والسنة (وَالتَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ ، وَرَسُولاً إِلى بَنِي إِسْرائِيلَ) وأجعل على يديه الآيات والعجائب ، (فَحَمَلَتْهُ)(٤) قال : قال ابن عبّاس : فدنا جبريل فنفخ في جنبها ، فدخلت النفخة جوفها ، فاحتملت كما تحمل النساء في الرحم والمشيمة ووضعته كما تضع النساء.
أنبأنا أبو محمّد عبد الله الفراوي ، وأبو الحسن عبيد الله بن محمّد السّلمي ، قالا : أنبأنا أبو بكر البيهقي ، أنبأنا أبو عبد الله الحافظ ، أخبرني محمّد بن علي الشيباني ـ بالكوفة ـ حدّثنا أحمد بن حازم الغفاري ، حدّثنا عبيد الله بن موسى ، أنبأنا أبو جعفر الرازي ، عن الربيع بن أنس ، عن أبي العالية ، عن أبيّ بن كعب قال :
كان روح عيسى بن مريم عليهالسلام من تلك الأرواح التي أخذ عليها الميثاق في زمن آدم عليهالسلام ، فأرسله الله إلى مريم في صورة بشر ، (فَتَمَثَّلَ لَها بَشَراً سَوِيًّا) تلا إلى قوله (فَحَمَلَتْهُ) قال : حملت الذي خاطبها وهو روح عيسى ، قال : فدخل من فيها.
أخبرنا أبو القاسم بن الحصين ، أنبأنا أبو علي بن المذهب ، أنبأنا أبو بكر بن مالك ، حدّثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل (٥) ، حدّثني محمّد بن يعقوب الرّبالى ، حدّثنا المعتمر بن سليمان قال : سمعت أبي يحدّث عن الربيع بن أنس عن الرّفيع أبي العالية عن أبي بن كعب.
__________________
(١) الأصل : وهو.
(٢) سورة مريم ، الآية : ٢١.
(٣) سورة آل عمران ، الآيتان ٤٨ و ٤٩.
(٤) سورة مريم ، الآية : ٢٢.
(٥) رواه أحمد بن حنبل في المسند ٨ / ٤٧ رقم ٢١٢٩٠ طبعة دار الفكر.