أكل ، ثم تشقّق فتنثر فتكون عصمة للمقيم وزادا للمسافر ، فإن تكن رسلي صدقتني فلا أرى هذه الشجرة إلّا من شجرة الجنة.
فكتب إليه عمر :
من عبد الله عمر أمير المؤمنين إلى قيصر ملك الروم ، إنّ رسلك صدقتك هذه الشجرة عندنا هي الشجرة التي أنبتها الله تعالى على مريم حين نفست بعيسى ابنها ، فاتّق الله ولا تتخذ عيسى إلها من دون الله ، فإنّ (مَثَلَ عِيسى عِنْدَ اللهِ كَمَثَلِ آدَمَ ، خَلَقَهُ مِنْ تُرابٍ ، ثُمَّ قالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ، الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُنْ مِنَ الْمُمْتَرِينَ)(١).
وأخبرنا (٢) أبو الفرج أيضا ، أنبأنا منصور بن الحسين (٣) ، وأحمد بن محمود ، قالا : أنبأنا أبو بكر بن المقرئ ، حدّثنا أبو محمّد سعيد بن أحمد بن زكريا بن يحيى القضاعي ، حدّثنا عمي محمّد بن زكريا ، حدّثنا محمّد بن يوسف الفريابي ، عن يونس بن الحارث الطائفي ، أنبأنا الشعبي قال :
كتب قيصر ـ يعني : من قيصر ـ ملك الروم إلى عمر ملك العرب :
أما بعد ، فإنّ الرسل أتوني من قبلك ، فأخبروني أنّ قبلك شجرة ليس بخليقة للخير ، تكون بين العشرة الأذرع إلى عشرين ذراعا ، يخرج لها مثل آذان الحمير ، ثم تشقّق عن مثل اللؤلؤ المنظوم في مثل قضبان الفضة ، فيصيبون منه مع طيب ريح وطعم ، ثم يكون كالياقوت الأحمر ومثل قضبان الذهب ، فيصيبون منه مع طيب ريح وطعم ، ثم يينع فيكون كأطيب خبيص ، أو فالوذج أكله الناس ، ثم تيبس فتكون عصمة للمقيم وزادا للمسافر ، فإن تكن رسلي صدقوني عن تلك الشجرة فإنّي لا أحسبها إلّا من شجر الجنّة.
قال : وكتب إليه عمر رضياللهعنه :
أمّا بعد ، فإنّ رسلك قد صدقوا ، وهي الشجرة التي أنبتها الله على مريم عليهاالسلام ، فاتّق الله يا قيصر ، ولا تتخذ عيسى عليهالسلام إلها من دون الله ، فإنّ عيسى كلمة الله وروحه ألقاها إلى مريم ، فإن (مَثَلَ عِيسى عِنْدَ اللهِ كَمَثَلِ آدَمَ ، خَلَقَهُ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ قالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ، الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُنْ مِنَ الْمُمْتَرِينَ).
__________________
(١) سورة آل عمران ، الآيات ٥٩ و ٦٠.
(٢) كتب فوقها في الأصل : ملحق.
(٣) الأصل : الحسن ، تصحيف ، ترجمته في سير أعلام النبلاء ١٨ / ١٥٢.