عليك شفاء وساوس الصدر من مرض النّسيان ، وجلاء الأبصار من غشاء الكلال ، ولا تكن حلسا (١) كأنك مقبوض وأنت حي تنفس.
يا عيسى بن مريم ما آمنت بي خليقة إلّا خشعت ، ولا خشعت لي إلّا رجت ثوابي ، فأشهدك أنها آمنة من عقابي ما لم تغير أو تبدل سنتي.
يا عيسى بن مريم البكر البتول ، ابك على نفسك أيام الحياة بكاء من ودّع الأهل وقلا الدنيا ، وترك اللذات لأهلها ، وارتفعت رغبته فيما عند إلهه ، وكن في ذلك تلين الكلام وتفشي السلام ، وكن يقظانا (٢) إذا نامت عيون الأبرار ، حذار ما هو آت من أمر المعاد ، وزلازل شدائد الأهوال ، قبل أن لا ينفع أهل ولا مال ، واكحل عينك بملمول (٣) الحزن إذا ضحك البطّالون ، وكن في ذلك صابرا محتسبا ، فطوبى لك إن نالك ما وعدت الصابرين ، رجّ (٤) من الدنيا بالله ، يوم بيوم ، وذق مذاقة ما قد هرب منك أين طعمه؟ ؛ وما لم يأتك كيف لذته؟ فرح من الدنيا بالبلغة ، وليكفك منها الخشن الجشب (٥) ، قد رأيت إلى ما تصير ، اعمل على حساب فإنك مسئول ، لو رأت عيناك (٦) ما أعددت لأوليائي الصالحين ذاب قلبك ، وزهقت نفسك.
أخبرنا أبو الحسن زيد بن حمزة بن زيد الموسوسي الطوسي (٧) ، أنبأنا أبو شجاع محمّد بن سعدان بن عبد الله المقاريضي ، حدّثنا أبو الفتح أحمد بن عبد الله الكاتب ، حدّثنا أبو عبد الله محمّد بن .... (٨) الزاهد ، حدّثنا أحمد بن محمّد الأصفهاني ، حدّثنا أبو بكر عبد الله بن محمّد القرشي ، حدّثنا الحكم بن موسى ، حدّثنا عبد الجليل بن أبي الخليل عن صالح بن أبي شعيب قال :
__________________
(١) كذا بالأصل والبداية والنهاية ، وفي قصص الأنبياء : حلما. والحلس : الملازم الذي لا يبرح مكانه (اللسان).
(٢) كذا بالأصل والمختصر منونة ، وهي جائزة ، وفي البداية والنهاية وقصص الأنبياء : يقظان.
(٣) كذا بالأصل ، وفي البداية والنهاية وقصص الأنبياء «بملول» والملول : جمع ملة ، وهي الرماد الحار ينضج فيه الخبز. وفي المختصر : «بملمول» كالأصل ، وهو المكحال يكتحل به (هامش المختصر).
(٤) كذا بالأصل والبداية والنهاية ، وفي قصص الأنبياء : ارج من الدنيا بالله يوم يبعثون.
وفي المختصر : زجّ.
(٥) كذا بالأصل ، وفي المختصر : «الخشب» وفي البداية والنهاية وقصص الأنبياء : الجئيب. والجئيب : الغليظ.
(٦) الأصل : «رأيت عينك» والمثبت عن البداية والنهاية وقصص الأنبياء.
(٧) قارن مع مشيخة ابن عساكر ٦٨ / أ.
(٨) تقرأ بالأصل : حفيف.