قال : وحدّثنا أبو داود محمّد بن يحيى بن فارس ، حدّثنا عبد الرزّاق ، حدّثنا معمر ، عن الزهري ، عن ابن طاوس ، عن أبيه قال (١) :
لقي عيسى بن مريم إبليس فقال : أما علمت أنه لن يصيبك إلّا ما كتب لك؟ قال إبليس : فأوف (٢) بذروة هذا الجبل فتردّ (٣) منه فانظر تعيش أم لا؟ فقال ابن طاوس عن أبيه : أما علمت أن الله قال : لا يختبرني (٤) عبدي ، فإني أفعل ما شئت ـ وقال الزهري : إنّ العبد لا يبتلي ربه ، ولكن الله يبتلي عبده.
أخبرنا أبو الحسن بركات بن عبد العزيز ، وأبو محمّد عبد الكريم بن حمزة قالا : حدّثنا أبو بكر الخطيب (٥) ، أخبرني أبو الحسن بن رزقوية ، أنبأنا أبو بكر أحمد بن سندي (٦) ، حدّثنا أبو بكر الحسن بن علي القطان ، حدّثنا إسماعيل بن عيسى العطّار ، أنبأنا علي بن عاصم ، حدّثني أبو سلمة سويد عن بعض أصحابه قال :
صلى عيسى ببيت المقدس فانصرف ، فلما كان ببعض العقبة فعرض له إبليس فاحتبسه ، فجعل يعرض عليه ويكلمه ويقول له : إنه لا ينبغي لك أن تكون عبدا ، فأكثر عليه ، وجعل عيسى يحرص على أن يتخلّص منه ، فجعل لا يتخلص منه فقال له : فيما يقول : لا ينبغي لك يا عيسى أن تكون عبدا؟ قال : فاستغاث عيسى ربه ، فأقبل جبريل وميكائيل ، فلما رآهما إبليس كفّ ، فلما استقرا معه على العقبة اكتنفا عيسى ، وضرب جبريل إبليس بجناحه فقذفه في بطن الوادي ، قال : فعاد إبليس معه وعلم أنهما لم يؤمرا بغير ذلك ، فقال لعيسى : قد أخبرتك أنه لا ينبغي لك أن تكون عبدا ، إنّ غضبك ليس غضب عبد ، فقد رأيت ما لقيت منك حين غضبت ، ولكن أدعوك [لأمر](٧) هو لك آمر الشياطين فليطيعوك ، فإذا رأى الإنس (٨) أن الشياطين قد أطاعوك عبدوك ، أما إني لا أقول أن تكون إلها ليس معه إله ، ولكن الله يكون إلها في السماء ، وتكون أنت إلها في الأرض ، فلما سمع عيسى ذلك منه استغاث
__________________
(١) البداية والنهاية ٢ / ٩٤ وقصص الأنبياء لابن كثير ٢ / ٤٠٥ ـ ٤٠٦.
(٢) كذا بالأصل ، وفي المصدرين : فارق.
(٣) الأصل : فتردى ، خطأ.
(٤) رسمها بالأصل : «نحسرني» وفي البداية والنهاية والنهاية وقصص الأنبياء : يجريني.
(٥) من طريقه رواه ابن كثير في البداية والنهاية ٢ / ٩٥ وقصص الأنبياء لابن كثير ٢ / ٤٠٧ ـ ٤٠٨.
(٦) في المصدرين : سيدي.
(٧) زيادة عن المصدرين ، وفي المختصر : إلى أمر.
(٨) كذا بالأصل والمختصر ، وفي المصدرين : البشر.