وقالا : ـ أنت الذي بلغ من عظم ربوبيتك أنك تكلّمت في المهد صبيا ، ولم يتكلّم فيه أحد قبلك؟ قال : بل الربوبية والعظمة للإله الذي أنطقني ، ثم يميتني ثم يحييني ، قال : فأنت الذي بلغ من عظم ربوبيتك أنك تحيي الموتى؟ قال : بل الربوبية لله الذي يميتني (١) ويميت من أحييت ثم يحييني ، قال : والله إنّك لإله في السماء وإله في الأرض ، قال : فصكه جبريل عليهالسلام بجناحه صكّة فما تناهى دون فوق الشمس (٢) ، ثم صكه أخرى بجناحه فما تناهى (٣) دون العين الحامية ، ثم صكه أخرى بجناحه فأدخله بحار السابعة ، فأشاحه (٤) ـ وقال عاصم : فأسلكه ـ فيها حتى وجد طعم الحياة (٥) ، فخرج منها وهو يقول : ما لقي أحد من أحد ما لقيت منك يا ابن مريم.
أخبرنا أبو غالب محمّد بن الحسن بن علي الماوردي ، أنبأنا أبو الحسن محمّد بن علي بن أحمد السّيرافي ـ بالبصرة ـ حدّثنا القاضي أبو عبد الله أحمد بن إسحاق بن حرمان النهاوندي ، حدّثنا أبو عبد الله محمّد بن أحمد بن يعقوب المتّوثي (٦) ، حدّثنا أبو داود سليمان بن الأشعث ، حدّثنا أبو توبة الرّبيع بن نافع ، حدّثنا حسين بن طلحة قال : سمعت خالد بن يزيد قال (٧) :
تعبّد الشيطان مع عيسى عشر سنين أو سنتين أقام يوما على شفير جبل ، فقال الشيطان : أرأيت إن ألقيت نفسي هل يصيبني إلّا ما كتب لي؟ قال : إنّي لست بالذي أبتلي ربي ولكن ربي إذا شاء ابتلاني ، وعرف أنه الشيطان ففارقه.
قال : وحدّثنا أبو داود (٨) ، حدّثنا أحمد بن عبدة ، أنبأنا سفيان عن عمرو ، عن طاوس قال :
أتى الشيطان عيسى بن مريم فقال : أليس تزعم أنك صادق؟ فإن كنت صادقا فاءت هذه فالق نفسك ، قال : ويلك ، أليس قال : يا ابن آدم لا تسألني هلاك نفسك فإنّي أفعل ما أشاء.
__________________
(١) في المصدرين : الذي يحيى [من يشاء].
(٢) في المصدرين : فما نباها دون قرون الشمس.
(٣) في المصدرين : نباها.
(٤) كذا رسمها بالأصل ، وفي المصدرين : فأساخه.
(٥) كذا بالأصل ، وفي المصدرين : طعم الحمأة.
(٦) غير واضحة بالأصل ، والصواب ما أثبت ، راجع ترجمة أبي داود السجستاني في تهذيب الكمال ٨ / ٥.
وهذه النسبة إلى متوث ، راجع الأنساب.
(٧) البداية والنهاية ٢ / ٩٤ وقصص الأنبياء لابن كثير ٢ / ٤٠٦.
(٨) البداية والنهاية ٢ / ٩٤ وقصص الأنبياء لابن كثير ٢ / ٤٠٦.