فأخبرهم بذلك ، فقال : من كان من أهل الخطايا فليعتزل ، فاعتزل الناس كلّهم إلّا رجل مصاب بعينه اليمنى ، فقال له عيسى : ما لك لا تعتزل؟ قال : يا روح الله ما عصيت الله طرفة عين ، ولقد التفتّ فنظرت بعيني هذه إلى قدم امرأة من غير أن كنت أردت النظر إليها فقلعتها ، ولو نظرت إليها باليسرى لقلعتها قال : فبكى عيسى حتى ابتلّت لحيته بدموعه وقال : اللهم إنّك خلقتنا وقد علمت ما نعمل من قبل أن تخلقنا ، فلم يمنعك ذلك أن لا تخلقنا ، فلمّا خلقتنا وتكفّلت بأرزاقنا ، فأرسل السماء علينا مدرارا ، فو الذي نفس عيسى بيده ما خرجت الكلمة تامّة من فيه حتى أرخت السماء عزاليها (١) وسقي الحاضر والباد.
لفظ ابن سمعون.
أخبرنا أبو سعد بن البغدادي ، أنبأنا أبو المفضّل المطهّر بن عبد الواحد بن محمّد ، أنبأنا أبو عمرو عبد الله بن محمّد بن أحمد بن عبد الوهّاب السّلمي ، أنبأنا أبو محمّد عبد الله بن محمّد بن عمر الزهري ، حدّثنا عمّي عبد الرّحمن بن عمر بن يزيد؟؟؟ ، حدّثنا عبد الوهّاب الثقفي ، عن هشام ، عن الحسن قال :
خرج عيسى بن مريم يستسقي ، فخرج فبرز لهم ، فقال : جوزوا ولا يجوز عاص ، فرجع ناس من الناس ، ثم قالها الثانية : فرجع ناس من الناس ، حتى لم يبق في الح؟؟؟ ان (٢) إلّا رجل واحد أعور ، فقال له عيسى بن مريم : ما لك؟ أما أصبت ذنبا قط؟ قال : أما ذنب أعلمه فلا إلّا أنّي نظرت إلى امرأة بعيني هذه فلمّا ولّت أتبعتها إياها ، فبكى عيسى وقال : أنت صاحبي ، فدعا عيسى ، وأمّن الرجل ، فسقوا.
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنبأنا محمّد بن أحمد بن محمّد الأنباري ، أنبأنا محمّد بن الحسين بن يوسف الأصبهاني ، أنبأنا محمّد بن أحمد بن عبد الله النّقوي (٣) ، حدّثنا الدّبري (٤) ، أنبأنا عبد الرّزّاق عن معمر ، عن رجل عن شهر بن حوشب.
__________________
(١) العزالي والعزالى جمع عزلاء ، وهي مصب الماء من الراوية ونحوها. وتطلق أيضا على فم الراوية أي الأعلى الذي يصب الماء فيه أولا (القاموس المحيط).
(٢) كذا ، وإعجامها ناقص بالأصل ، ولعل الصواب : الجنان.
(٣) إعجامها مضطرب بالأصل ، والصواب ما أثبت ، ترجمته في سير أعلام النبلاء ١٦ / ١٤١.
(٤) بدون إعجام بالأصل ، وهو إسحاق بن إبراهيم بن عباد أبو يعقوب الصنعاني ، ترجمته في سير الأعلام ١٣ / ٤١٦ وهو صاحب أبي عبد الله النقوي ، راجع الحاشية السابقة.