أن عيسى بن مريم خرج يستسقي ، فخرج الناس ، ثم قال لهم : من كان منكم أذنب ذنبا فليرجع ، قال : فجعل الناس يرجعون حتى لم يبق معه إلّا رجل أعور ، فقال عيسى : أما أذنبت قط؟ فقال : نظرت بعيني هذه مرة واحدة إلى ما لا يحل لي ففقأتها ، فقال له عيسى : ادع وأنا أومّن ، قال : فدعا وأمّن عيسى ، فسقاهما الله.
أخبرنا أبو الحسن علي بن مسلّم الفقيه ، أنبأنا أبو الحسن أحمد بن عبد الواحد بن أبي الحديد ، أنبأنا جدي أبو بكر محمّد بن أحمد بن عثمان ، أنبأنا أبو الدحداح أحمد بن محمّد بن إسماعيل (١) ، أنبأنا محمود بن خالد ، حدّثنا الفريابي (٢) عن غالب (٣) ، حدّثني السّدّي قال :
أصاب الناس قحط على عهد عيسى بن مريم ، فقال الحواريون : يا عيسى لو خرجنا فاستسقينا ، فلما اجتمع الناس قال عيسى : من كانت له خطية فلا يخرج معنا ، فإنّه لا حاجة لنا بأهل الخطايا ، فرجع الناس إلّا اثني عشر رجلا ، قال لهم عيسى : ما لكم خطايا؟ قالوا : بلى يا نبي الله ، قال : فارجعوا فلا حاجة لنا بكم ، قال : فرجعوا إلّا رجلا (٤) أعور ، فقال له عيسى : ما لك أنت خطية؟ قال : لا تعجل عليّ يا نبي الله ، نظرت نظرة إلى خطية بعيني هذه ففقأتها فلا أعلم لي ذنبا غيره ، قال له عيسى : أنت صاحبي ، ادع (٥) أنت وأؤمّن أنا ، قال : بل أدع (٦) أنت وأؤمّن أنا ، قال : فدعا عيسى صلىاللهعليهوسلم وأمّن الرجل ، فما رجعوا حتى كادوا أن يدركهم الغرق.
أخبرنا أبو غالب بن البنّا ، أنبأنا أبو محمّد الجوهري ، أنبأنا أبو عمر (٧) بن حيّوية ، وأبو بكر بن إسماعيل ، قالا : حدّثنا يحيى بن محمّد بن صاعد ، حدّثنا الحسين بن الحسن ، أنبأنا ابن المبارك ، حدّثنا ابن جعفر ، عن المغيرة ، عن الشعبي قال :
كان عيسى بن مريم إذا ذكر عنده الساعة صاح ويقول : لا ينبغي لابن مريم أن تذكر عنده الساعة فيسكت (٨).
__________________
(١) ترجمته في سير أعلام النبلاء ١٥ / ٤٠١.
(٢) هو محمد بن يوسف بن واقد بن عثمان ، أبو عبد الله ، ترجمته في سير أعلام النبلاء ١٠ / ١١٤ وتهذيب الكمال ١٧ / ٣٦١.
(٣) هو غالب بن عبيد الله الجزري ، ذكره المزي من مشايخ الفريابي راجع ترجمة الفريابي في تهذيب الكمال ١٧ / ٣٦١.
(٤) الأصل : رجل.
(٥) الأصل : «ادعوا».
(٦) الأصل : «ادعوا».
(٧) الأصل : عمرو ، تصحيف.
(٨) البداية والنهاية بتحقيقنا ٢ / ١٠٤ وقصص الأنبياء لابن كثير ٢ / ٤٢٤.