الأنبياء فيهم إبراهيم وموسى وعيسى عليهمالسلام فصليت بهم وكلمتهم ، وأتيت بإناءين أحمر وأبيض فشربت الأبيض ، فقال لي جبريل : شربت اللبن وتركت الخمر ، لو شربت الخمر لارتدّت أمتك ، ثم ركبته ، فأتيت المسجد الحرام فصليت به الغداة ، فتعلّقت بردائه وقلت : أنشدك الله يابن عمّ أن تحدّث بهذا قريشا فيكذبك من (١) صدّقك ، فضرب بيده على ردائه فانتزعه من يدي فارتفع عن بطنه ، فنظرت إلى عكنة (٢) فوق إزاره وكأنّه طيّ القراطيس وإذا نور ساطع عند فؤاده كاد يختطف بصري فخررت ساجدة ، فلما رفعت رأسي إذا هو قد خرج فقلت لجاريتي نبعة (٣) : ويحك اتبعيه فانظري ماذا يقول؟ وماذا يقال له؟ فلّما رجعت نبعة أخبرتني أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم انتهى إلى نفر من قريش في الحطيم فيهم : المطعم بن عدي بن نوفل ، وعمرو بن هشام ، والوليد بن المغيرة فقال : إنّي صليت الليلة العشاء في هذا المسجد وصليت به الغداة وأتيت فيما بين ذلك بيت المقدس فنشر لي رهط من الأنبياء فيهم إبراهيم وموسى وعيسى عليهمالسلام ، فصليت بهم وكلمتهم فقال عمرو بن هشام كالمستهزئ : صفهم لي : فقال : أمّا عيسى عليهالسلام ففوق الربعة دون الطويل ، عريض الصدر ، ظاهر الدم ، جعد الشعر تعلوه صهبة ، كأنه عروة بن مسعود الثقفي (٤). وأما موسى عليهالسلام فضخم آدم طوال ، كأنه من رجال شنوءة (٥) كثير الشعر غائر العينين متراكب الأسنان ، مقلص الشفتين ، خارج اللثة عابس. وأما إبراهيم عليهالسلام فوالله لأشبه الناس بي خلقا وخلقا. فضجّوا وأعظموا ذاك قال : فقال المطعم بن عدي بن نوفل : كلّ أمرك قبل اليوم كان أمما غير قولك اليوم ،
__________________
(١) اللوحة ٤٨ ب
(٢) عكنة : العكنة بالضم ما انطوى وتثنى من لحم البطن سمنا. القاموس عكن.
(٣) نبعة الحبشية ، جارية أم هانئ بنت أبي طالب ، الإصابة ٤ / ٤٠٢
(٤) عروة بن مسعود : تقدم التعريف به في الحديث ٤٦
(٥) شنوءة : قبيلة من اليمن. التاج (شنأ)