العربية قيمة. وبعد أن تجاوزنا من مسافة بعيدة جدا رأس بريدي Baridi ، توقفنا للمرة الثالثة في عرض البحر ، بعيدا عن التيارات البحرية العميقة المحملة بالصخور ، يساعدنا في ذلك استمرار الطقس الرائع. وأجد نفسي عاجزا عن وصف ذلك الجمال ، الذي يستعصي على الوصف لتلك الأمسيات التي قضيناها في عرض البحر ؛ روعة غروب الشمس التي كانت تتكرر في كل يوم ، ولكنها كانت تختلف على الدوام. أما في هذا اليوم ، فقد كان المشهد أكثر تألقا أيضا من اليوم السابق ، لو كان بالإمكان ذلك ، كانت ألوان السماء والبحر أكثر توهجا ، والطبيعة كلها أكثر روعة وأكثر هدوءا. لم يكن في البحر موجة واحدة ، ولم يكن في السماء أية سحابة. وكانت قمة جبل رضوى التي كنا نراها من موقعنا الذي رسونا فيه ، مضاءة وكأنها منارة ضخمة ، وكانت ما تزال تلتمع ، مع أن الشمس اختفت خلف البحر. ومع أن نجم سهيل كان يتبعها عن قرب ، ويسبح في فلكها المتوهج فإنه كان يلتمع على حافة الأفق لمعانا فريدا. وكانت النجوم الطالعة شاحبة حوله ، ولا تبدأ بالالتماع إلّا عند ما تبدو هي نفسها تسبح في المدى الرحيب. / ١٠٧ /
قريبا سيظهر القمر ، وسيتلو السنا الذي انطفأ منذ قليل ظلام غير كثيف ، أو بعبارة أدق ، ضوء خفيف تراه في ليلة من الليالي الرائعة في آسيا ، التي هي أكثر ألقا من أيام طقسنا السديمي (يقصد في أوروبا). كان السنبوك ، وهو مستقر في مرساه ، يلفه الصمت والصلام ، وكان الجميع على متن السنبوك يغطون في نوم عميق ، إلّا أنا ؛ إذ لا يستطيع النوم أن يسلبني ميزة التمتع بهذه الأمسية الجميلة.
كان ذلك مظهرا من مظاهر التهاون واللامبالاة لدى الملاحين العرب ، الذين لم يكن أي منهم يقوم بنوبة الحراسة! لقد تركوا المركب طوال الليل في حراسة الله. كانت الأمسية الهادئة والليلة الجميلة تنبئان أن البحر سيكون هادئا في اليوم التالي ، وقد حصل ذلك بالفعل إبّان فترة الصباح كلها.
أمّا البحارة الذين لم يكن لديهم منذ غادرنا السويس ما يفعلونه تقريبا ، فقد بدؤوا بالتجديف الذي كان يترافق لشحذ الهمم بغناء رتيب وحزين ، لم