أتى زمن لم يكن فيه وجود غير المسلمين في جدة مسموحا ، كما هو
__________________
ـ هنا. وانظر : النص الإنكليزي لرحلات بوركهارت ، ط. مصورة عن طبعة لندن ١٨٩٢ م ، السلسلة التي يصدرها فؤاد سزكين ، ١٩٩٥ م ، ص ١٨٣. وجاء في رحلة بيرتون ما نصه نقلا عن كتاب : التراث الشعبي في أدب الرحلات ، موثق سابقا ، ص ٤٨ «تأخذ معظم الأسر في مكة الأطفال الذكور عند ما يبلغون الأربعين يوما إلى الكعبة للدعاء لهم. ثم يحملونهم إلى البيت حيث يقوم المزين بعمل ثلاثة فصود رأسية على الجزء الملحم لكل خد بدءا من الزاوية الخارجية للعينين إلى ركني الفم تقريبا. هذه «المشالي» ، كما تسمى ، قد لا تكون عادة قديمة. فالمكيون يقولون إنها لم تكن معروفة لدى أسلافهم. وعندي أنها ترجع إلى زمن قديم جدا وأنها وثنية الأصل ، وهي ما تزال سائدة رغم نهي علماء الدين عنها. وتسمى هذه العملية «التشريط» ويفصد أيضا جسم الطفل كله بجروح صغيرة حتى يغطي الدم الجسم كله. وقد أخبر بعض المكيين علي بيك أن الغرض من التشريط طبي. وقال آخرون إنها دلالة على أن من يحملها خادم لبيت الله. وأرجعها علي بيك إلى الرغبة في التجميل تماما كرغبة المرأة التي تشم نفسها. وقد أخبرني المكيّون أن هذه العادة نشأت عن ضرورة حماية الأطفال من وقوعهم أسرى في يد الفرس. فهي دلالة على أن الأطفال من المدينة المقدسة. غير أن انتشارها الواسع يدل على قدم أصلها ... وقد نهى محمد صلىاللهعليهوسلم أتباعه صراحة عن وسم الجسم بالفصد. وعلامات التجميل هذه شائعة وسط شعوب مناطق غرب البحر الأحمر. ويزين النوبة في مصر العليا وجوههم بفصود مثل المكيين تماما. وقد رأيت خدودا مفصدة كما في المدينة المقدسة وسط القالا بالحبشة. وعلق د. أحمد نصر في ص ٥٩ من الكتاب المذكور أعلاه قائلا : «أدرك الأديب السعودي أحمد إبراهيم الغزاوي في مكة المكرمة عادة تشريط الخدود (المشالي) وشاهدها وقال إنها كانت مما يعد للرجل والمرأة زينة وجمالا وإنها كانت عامة بين البيض والسود على السواء وقد أرجعها إلى ما قبل القرنين السادس والسابع الهجري. واستدل على ذلك ببيتين من الشعر لبهاء الدين محمد بن إبراهيم النحاس النحوي المولود في ٦١٧ ه والمتوفى في ٨٩٨ ه يمدح مليحا شرطوه قائلا :
قلت لما شرطوه وجرى |
|
دمه القاني على الخد النقي |
ليس بدعا ما أتوا في فعلهم |
|
هو بدر مشرق بالشفق ـ |