قريبا ، بانتظار أن تستعيد بلغاريا وصربيا ، وتيساليا (١) ، ومقدونيا ، وكل البلاد التي يسلبها الأتراك حريتها.
لقد جاء دور الجزيرة العربية أخيرا ؛ هي أيضا ينبغي أن تسترد شخصيتها الوطنية ، ولا يمكن بالتأكيد لأحد أن يجد سعيها إلى ذلك منكرا. إن الأمة العربية متفوقة على الأتراك في كل المجالات. فإذا أردت الحديث عنها باعتبارها أمة محاربة ، فإننا نعرف إلى أين وصلت فتوحاتها ؛ إلى آسيا ، وإفريقيا الشمالية كلها ، وصقلية وإسبانيا ، وخضع جنوب فرنسا لسلطانها في بعض الفترات. إنها تلقت ونشرت في أقاصي الأرض دينا عمره اثنا عشر قرنا ، ولن يزول حتى نهاية الزمن.
إنها أمة عالمة ومثقفة ؛ نبغت في العلوم قدر ما نبغت في الفن والحروب ، لقد كانت خلال أمد طويل أمة مبتكرة حيثما قادها حماسها الديني ، لقد كان لها مدارس تزدهر فيها دراسة الطب والعمارة والرياضيات والفلك ، وفي هذه المدارس تعلم الغرب ، وأبدعت هذه الأمة روائع أدبية ما زالت حتى اليوم متعة العقول المثقفة كلها. ماذا لدى الأتراك في موازاة ذلك؟ الجهل والوحشية.
وإن انتقلنا من الماضي إلى الحاضر فإننا نلحظ التفوق نفسه لدى العرب ، وخصوصا في الجانب الأخلاقي. إنهم يتحلّون بفضائل عظيمة ، فالشجاعة والكرم / ٣٠١ / والاستقامة تقيم معهم في خيامهم ، يحاربون بإنسانية ، وبشرف ، ويحترمون العهود والمواثيق ، وتسود بين أسرهم صفات الشرف والوئام والإخلاص ، ويجهلون العبودية والسفالة : فكل رجل ، مهما كان مقامه ، يحافظ ، وفي كل المناسبات ، على إحساسه بالأنفة ، وإن حاجاته المحدودة لا تجعل الفقر ينال من أخلاقه.
إن الصحراء صرح المساواة. وإن السيئة الوحيدة الرئيسية لدى البدو هي حبهم الكبير للمال ، أو لما يمثله ؛ ولكن عذرهم في الفقر ؛ ولماذا نأخذ عليهم
__________________
(١) مقاطعة يونانية كان يسيطر عليها الأتراك.