كان قبل التاريخ الهجري الإسلامي بقرن من الزمن : وليس هناك ما يمنع أن يكون النبي صلىاللهعليهوسلم قد جاء لزيارة الدير ؛ وتؤكد ذلك كتب الأخبار العربية ، وتضيف أن عروجه إلى السماء تمّ من على قمة جبل سيناء (١).
وإذا كان وجود المسجد (٢) في هذا المكان يدهش ويلفت النظر ، فإن الكنيسة لا تظهر من النظرة الأولى ، وليس لها ما يميزها من السقوف والشرفات التي تغرق الكنيسة في وسطها : ولكنها تعوّض عن بساطة شكلها الخارجي بروعتها الداخلية. إنها وعاء فائق الجمال نصف بيزنطي ، ونصف روماني ، يقوم على أعمدة من الجرانيت التي طليت للأسف بالكلس ، وقد تمّ في جذوع تلك الأعمدة حفر صلبان يونانية ، ممّا يفسد النسق ويتلف بهاءه. إن جمال العمود أن يكون عاريا ومستويا تماما ، ومع أن تضليع الأعمدة اختراع قديم ، فإنني أرى أنه تشويه للبساطة البدائية للفن ، وعلامة من علامات انحطاطه ؛ إلا أنه لا ينبغي أن تبحث في الكنائس اليونانية لا عن البساطة ولا عن الفن. وإن هذه الكنيسة ينقصها الشيئان المذكوران. إن البريق الخداع ، وفساد الذوق يصدمك في كل خطوة تخطوها فيها.
كان السقف أزرق ذهبيا ، يمثل قبة السماء المملوءة بالنجوم ، وتتدلى منه ثريات مفرطة في الحداثة ، ولا تتناسب ، على الرغم من أبهتها ، مع بساطة المعبد المسيحي. وينطبق الوصف نفسه على المذبح الرئيسي الذي تزدحم عليه الأصداف / ٦٥ / والحراشف التزينية والصلبان المزينة بالأحجار
__________________
(١) يذكر نعوم شقير في : تاريخ سيناء ... ، موثق سابقا ، ص ٢٢٠ : «والعهدة النبوية : وهي في تقاليد الرهبان كتاب العهد الذي لهم النبي محمد صلىاللهعليهوسلم في السنة الثامنة للهجرة. قالوا وقد كان الأصل محفوظا في الدير إلى فتح السلطان سليم مصر سنة ١٥١٧ م فأخذ الأصل وأعطاهم نسخة منه مع ترجمتها التركية. وفي المكتبة الآن عدة نسخ منها بعضها على رق غزال ، وبعضها على ورق متين ، وبعضها في دفتر خاص ...» وانظر حديثا مفصلا عن العهدة النبوية في ص ٤٩٥.
(٢) انظر حديثا مفصلا عن المسجد وبنائه في كتاب : تاريخ سيناء ... ، موثق سابقا ، ص ٢١٤ ـ ٢١٧ ، وص ٥١٠ ـ ٥١٢.