اضطهاد المسيحيين. / ٧٦ / وفي مكان ليس ببعيد توجد صخرة موسى (١) التي يذكّر اسمها أتباع الديانات السماوية الثلاث ، اليهودية والمسيحية ، والإسلام ، بالوثنية التي كانوا عليها (قبل نعمة التوحيد) ، باعتبار أن تلك الديانات نزلت في أمكنة متقاربة ، ويمكن القول : إن لها مهدا مشتركا واحدا. إن صعود جبل سيناء صعب ومرهق ؛ لأن المكان ما زال كما كان في بدايته منحوتا على شكل درج ، وسيظل كذلك حتى النهاية. ولكن ذلك الدرج الذي يفترض أن يسهل عملية الصعود ، أصبح نصف مهدم ؛ مما يجعل الصعود مرهقا ، والنزول محفوفا بالمخاطر. وفي طريق العودة إلى سهل إيليا عدنا إلى الدير عبر طريق أخرى ، وأدهشني أن الطريق من هذه الناحية جيدة ، وهي في بعض الأحيان محفورة في الصخر القاسي ، وتكاد تكون صالحة لمسير السيارات. إن هذه الطريق التي هي صورة مصغرة عن ممر سيمبلون (٢) Simplon تم إنجازها منذ وقت قريب من أجل عباس باشا ذلك الأمير الإفريقي الذي قام مؤخرا بزيارة سيناء ، وبانتظار إنشاء القصر المعلق الذي سبق لي الحديث عنه ، والذي دللت على المكان الذي سيقام فيه على قمة يصعب الوصول إليها (٣). لقد رافقني في
__________________
ـ لأجل إيمانهم بالمسيح في سبسطية بكبدوكية في ٩ آذار سنة ٣٢٠ م).
(١) سماها نعوم شقير في تاريخ سيناء ... ، موثق سابقا ، ص ٢٢٧ «صخرة موسى» بين اللجاة السفلى واللجاة العليا. وهي صخرة جرانيتية علوها نحو ١٢ قدما وطولها وعرضها نصف ذلك. يدل عليها الرهبان أنها الصخرة التي أخرج منها موسى عليهالسلام الماء لبني إسرائيل. قال تعالى : البقرة ، الآية : ٦٠ : (وَإِذِ اسْتَسْقى مُوسى لِقَوْمِهِ فَقُلْنَا اضْرِبْ بِعَصاكَ الْحَجَرَ فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتا عَشْرَةَ عَيْناً قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُناسٍ مَشْرَبَهُمْ كُلُوا وَاشْرَبُوا مِنْ رِزْقِ اللهِ وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ) (٦٠). وقد سماها ديدييه Belphe ? gor وهو اسم أحد الآلهة عند اليونان مركب من Be ? l أوBel بعل ، السيد وهو شكل يوناني لاسم أحد الآلهة عند المؤابيين ، كان يعبد على جبل Phe ? gore وكان اليونان يقدمون له طقوسا إباحية ، واستمرت عبادته حتى العصر الروماني. وهي عنوان قصة لميكيا فيللي.
(٢) أحد ممار جبال الألب الرئيسية المستخدمة منذ العهد القديم وربما منذ ما قبل التاريخ بفضل ارتفاعه البسيط (٢٠٠٠ م) ، وهو شرق الحدود بين سويسرا وإيطاليا.
(٣) جاء في كتاب : تاريخ سيناء ... ، موثق سابقا ، ص ٥٤٥ : «... وبعد وفاة إبراهيم ـ