وقال الفضل (١) :
قد سبق أنّ الحسن والقبح يقال لمعان ثلاثة (٢) :
الأوّل : صفة الكمال والنقص ، يقال : العلم حسن ، والجهل قبيح ، ولا نزاع في أنّ هذا أمر ثابت للصفات في أنفسها ، وأنّ مدركه العقل ، ولا تعلّق له بالشرع.
الثاني : ملاءمة الغرض ومنافرته ، وقد يعبّر عنهما بهذا المعنى بالمصلحة والمفسدة ، وذلك أيضا عقلي ، أي يدركه العقل ، كالمعنى الأوّل.
الثالث : تعلّق المدح والثواب بالفعل ، عاجلا وآجلا ، والذمّ والعقاب كذلك ، فما تعلّق به المدح في العاجل والثواب في الآجل يسمّى حسنا ، وما تعلّق به الذمّ في العاجل والعقاب في الآجل يسمّى قبيحا.
وهذا المعنى الثالث محلّ النزاع ، فهو عند الأشاعرة شرعي ؛ وذلك لأنّ أفعال العباد كلّها ليس شيء منها بحيث يقتضي مدح فاعله وثوابه ولا ذمّ فاعله وعقابه ، وإنّما صارت كذلك بواسطة أمر الشارع بها ونهيه عنها.
وعند المعتزلة ومن تبعهم من الإمامية عقلي ، كما ذكر هذا الرجل.
__________________
(١) إبطال نهج الباطل ـ المطبوع ضمن إحقاق الحقّ ـ ١ / ٣٤١.
(٢) انظر : محصّل أفكار المتقدّمين والمتأخّرين : ٢٩٣ ، شرح المواقف ٨ / ١٨٢ ـ ١٨٣.