وأقول :
لعلّ الفضل بعدوله عن دليل المصنّف على بطلان الحلول ، إلى الدليلين المذكورين الموجودين بلفظهما في « المواقف » وشرحها (١) ؛ تخيّل أنّ الأشاعرة سلكوا طريقة أخرى في الاستدلال على بطلان الحلول ، ولم يعلم أنّ الأدلّة متكرّرة الذكر في كتب المتكلّمين ، وأنّ المناط ـ في هذه الأدلّة حتّى الأخير ـ على استلزام الحلول : الحاجة إلى المحلّ ، والافتقار إليه ؛ إذ لو منعه مانع لما تمّ شيءّ من هذه الأدلّة.
فقد ذكر في « شرح المواقف » وجه قول الماتن في الدليل الأخير :
« لو استغنى عن المحلّ لذاته لم يحلّ فيه » (٢) ، بقوله : « إذا لا بدّ في الحلول من حاجة ، ويستحيل أن يعرض للغنيّ بالذات ما يحوجه إلى المحلّ ؛ لأنّ ما بالذات ... لا يزول بالغير » (٣).
على إنّ دليل « المواقف » الأوّل هو عين ما ذكره المصنّف ، والاختلاف في التعبير ، فالأولى الاقتصار على ما ذكره المصنّف.
ثمّ إنّه لا ريب في قول جماعة بالحلول ، كما يدلّ عليه كلام « المواقف » و« شرح المقاصد » (٤) اللذان ذكرناهما في المبحث السابق (٥) ،
__________________
(١) المواقف : ٢٧٤ ، شرح المواقف ٨ / ٢٨.
(٢) المواقف : ٢٧٤.
(٣) شرح المواقف ٨ / ٢٨ المقصد الخامس.
(٤) المواقف : ٢٧٤ ـ ٢٧٥ ، شرح المقاصد ٤ / ٥٧ و ٥٩.
(٥) انظر الصفحة ٢٠٠ وما بعدها.