وأقول :
قد سبق أنّ الرؤية ـ بالمعنى الذي ذكره ـ ليست محلّ النزاع بوجه (١) ، وقد أحدثوه فرارا ممّا لزمهم من الإشكالات ، وإنّما محلّ النزاع هو الرؤية المعروفة ، كما عرفته من دليل الأشعري.
على إنّهم إذا أقرّوا بامتناع رؤية الباري سبحانه ، فقد امتنع هذا المعنى ؛ لما سبق من أنّ الصورة الحاصلة عند التغميض إنّما تكون بعد الرؤية ، ومن توابعها ، ومحلّها الحسّ المشترك ، أو الخيال ، فلا وجه للقول بإمكانها دون الرؤية.
ولو فرض أنّهم أرادوا معنى ليس هو الرؤية المعروفة ، ولا موقوفا عليها ؛ فنحن لا نعرفه ، ولا أظنّهم يعرفونه!
فكيف يقع النزاع بيننا وبينهم فيه؟!
كما لا نحكم بامتناعه ـ عقلا أو عادة ـ قبل المعرفة.
[ جواب الإيراد على الآية الأولى : ]
وأمّا ما أورده الفضل على الآية الأولى ؛ من أنّ الإدراك في اللغة :
الإحاطة ، وأنّ النقص من جهتها ، والمدح لنفيها ..
__________________
(١) راجع الصفحة ٤٧ من هذا الجزء.