ففيه :
إنّه لا شاهد له في كتب اللغة والآثار العربية ، بل الظاهر خلافه.
فإنّ الجدار محيط بالدار ، والصندوق محيط بما فيه ، ولا يقال : إنّهما مدركان لهما.
وعن الصحاح أنّ معنى أدركته ببصري : رأيته (١).
ولعلّه لأنّه لا يفهم من الإدراك إلّا الرؤية إذا قرن بالبصر ـ وإن كان بمعنى اللحاق (٢) ـ ، كما لا يفهم منه إلّا السماع إذا قرن بآلة السمع ، وقيل :
أدركته بأذني ، ولا يفهم منه إلّا أثر الحواسّ الأخر إذا قرن بشيء منها.
وأمّا ما استدلّ به من قوله تعالى : ( إِنَّا لَمُدْرَكُونَ ) (٣) فليس في محلّه ؛ لأنّ الإدراك فيه هو : اللحاق ، فمعنى مدركون : ملحوقون.
وقد أقرّ في « المواقف » وشرحها ، والتفتازاني في « شرح المقاصد » بأنّ الإدراك بمعنى اللحاق (٤).
لكن زعموا أنّ اللحاق والوصول يقتضي الإحاطة ، فيكون الإدراك في الآية بمعنى : الرؤية المحيطة (٥)!!
ولا أعرف وجها للاقتضاء والاستلزام!
__________________
(١) الصحاح ٤ / ١٥٨٢ مادّة « درك ».
(٢) انظر : الصحاح ٤ / ١٥٨٢ ، لسان العرب ٤ / ٣٣٤ ، تاج العروس ١٣ / ٥٥٢ ، مادّة « درك ».
(٣) سورة الشعراء ٢٦ : ٦١.
(٤) المواقف : ٣٠٩ ، شرح المواقف ٨ / ١٤٠ ، شرح المقاصد ٤ / ٢٠١ الشبهة الرابعة.
(٥) المواقف : ٣٠٩ ، شرح المواقف ٨ / ١٤٠ ، شرح المقاصد ٤ / ٢٠١ الشبهة الرابعة.