وقال الفضل (١) :
إعلم أنّ شرط الشيء ما يكون وجوده موقوفا عليه ، ويكون خارجا عنه ، فمن قال : شرط الرؤية هذه الأمور ؛ ما ذا يريد من هذا؟!
إن أراد أنّ الرؤية لا يمكن أن تتحقّق عقلا إلّا بتحقّق هذه الأمور ، واستحال عقلا تحقّقه بدون هذه الأمور ..
فنقول : لا نسلّم الاستحالة العقليّة ، لأنّا وإن نرى في الأسباب الطبيعيّة وجود الرؤية عند تحقّق هذه الشرائط ، وفقدانها عند فقدان شيء منها ، إلّا أنّه لا يلزم بمجرّد ذلك ـ من فرض تحقّق الرؤية بدون هذه الشرائط ـ محال ، وكلّما كان كذلك لا يكون محالا عقليّا.
وإن أراد أنّ في العادة جري تحقّق المشروط ـ الذي هو الرؤية ـ عند حصول هذه الشرائط ، ومحال عادة أن تتحقّق الرؤية بدون هذه الشرائط مع جوازه عقلا .. فلا نزاع للأشاعرة في هذا.
بل غرضهم إثبات جواز الرؤية عقلا عند فقدان الشرائط.
ومن ثمّة تراهم يقولون : إنّ الرؤية أمر يخلقه الله في الحيّ ، ولا يشترط بضوء ، ولا مقابلة ، ولا غيرهما من الشرائط التي اعتبرها الفلاسفة (٢) ، وغرضهم ـ من نفي الشرطية ـ ما ذكرنا ، لا أنّهم يمنعون جريان العادة.
__________________
(١) إبطال نهج الباطل ـ المطبوع ضمن إحقاق الحقّ ـ ١ / ٩٢ ـ ٩٣.
(٢) انظر : شرح المواقف ٨ / ١١٦.