وأقول :
ما أجاب به عن لزوم إمكان الواجب مبنيّ على قولهم : إنّ صفاته ليست غير ذاته بالكلّيّة.
وقد عرفت أنّه لا طائل تحته ، إذ لا يرجع إلّا لإصلاح لفظي ، فإنّهم يقولون بزيادة الصفات في الوجود ، فتغاير الذات بالكلّيّة ، فيلزم إمكان الذات ، لحاجتها في الوجود إلى غيرها ، وهو البقاء ، ويلزم التكثّر.
وأمّا ما أجاب به عن لزوم الدور ، من عدم احتياج الذات إلى البقاء ، بل هما متحقّقان على سبيل الاتّفاق ، فقد عرفت في المبحث السابق ما فيه من المفاسد الكثيرة.
وأمّا ما أجاب به عن قول المصنّف : « بقاؤه باق » ، من أنّ بقاء البقاء عينه ، ففيه :
إنّه لو ساغ ذلك فلم لا يكون بقاء الذات عينها؟! مع إنّه باطل على مذهبهم ؛ لأنّهم زعموا أنّ القول بالعينية راجع إلى النفي المحض (١) ؛ لأنّه يؤدّي إلى أن يكون تعالى عالما لا علم له ، وقادرا لا قدرة له ، وباقيا لا بقاء له ، وهكذا ...
فإذا قالوا : إنّ بقاء البقاء عينه ، كان البقاء باقيا لا بقاء له ، وهو باطل بزعمهم (٢).
__________________
(١) المواقف : ٢٨٠.
(٢) محصّل أفكار المتقدّمين والمتأخّرين : ٢٥٢ ـ ٢٥٣ ، المواقف : ٢٩٦ ـ ٢٩٧ ، شرح المواقف ٨ / ١٠٦ ـ ١٠٨.