أحمد : صالح ، وقال أبو حاتم : رأيت أحمد بن حنبل يحسن الثناء عليه ، وقال يحيى بن معين : ليس به بأس ، يكتب حديثه ، وقال : إنه في نافع صالح ، وقال ابن عدي : لا بأس به ، صدوق. وقال ابن حبان ما حاصله : إن الكلام عليه لكثرة غلطه لغلبة الصلاح عليه ، حتى غلب عن ضبط الأخبار.
قال السبكي : وهذا الحديث ليس في مظنة الالتباس عليه ، لا سندا ولا متنا ؛ لأنه في نافع ، وهو خصيص به ، ومتنه في غاية القصر والوضوح ، والرواة إلى موسى بن هلال ثقات ، وموسى قال ابن عدي : أرجو أنه لا بأس به ، وقد روى عنه ستة منهم الإمام أحمد ، ولم يكن يروي إلا عن ثقة ، فلا يضره قول أبي حاتم الرازي : إنه مجهول ، وقول العقيلي : لا يتابع عليه ، وقول البيهقي : سواء قال عبيد الله أم عبد الله فهو منكر عن نافع ، لم يأت به غيره ، فهذا وشبهه يدلك على أنه لا علة لهذا الحديث إلا تفرد موسى به ، وأنهم لم يحتملوه له لخفاء حاله ، وإلا فكم من ثقة ينفرد بأشياء وتقبل منه.
قلت : ولهذا قال بعض الحفاظ ممن هو في طبقة ابن منده : هذا الخبر رواه عن موسى بن هلال محمد بن إسماعيل بن سمرة الأحمسي ، ومحمد بن جابر المحاربي ، ويوسف بن موسى القطان ، وهرون بن سفيان ، والفضل بن سهل ، والعباس بن الفضل ، وعبيد بن محمد الوراق ، وبعض هؤلاء قال في حديثه : عن عبيد الله بن عمر ، ذكرناه بأسانيده في الكتاب الكبير ، ولا نعلم رواه عن نافع إلا العمري ، ولا عنه إلا موسى بن هلال العبدي ، تفرد به ، انتهى.
قال السبكي عقب ما تقدم : وأما بعد قول ابن عدي في موسى ما قال ووجود متابع فإنه يتعين قبوله ، ولذلك ذكره عبد الحق في الأحكام الوسطى والصغرى ، وسكت عليه مع قوله في الصغرى «إنه تخيرها صحيحة الإسناد ، معروفة عند النقاد» وقد نقلها الأثبات ، وتداولها الثقات ، وذكر نحوه في الوسطى المعروفة اليوم بالكبرى ، وسبقه ابن السكن إلى تصحيح الحديث الثالث كما سيأتي ، وهو متضمن لمعنى هذا ، وأقل درجات هذا الحديث الحسن إن نوزع في صحته لما سيأتي من شواهده ، وتضافر الأحاديث يزيدها قوة ، حتى إن الحسن قد يترقى بذلك إلى درجة الصحيح.
وقال الذهبي : طرق هذا الحديث كلها لينة يقوى بعضها بعضا ؛ لأنه ما في رواتها متهم بالكذب ، قال : ومن أجودها إسنادا حديث حاطب «من رآني بعد موتي فكأنما رآني في حياتي» أخرجه ابن عساكر وغيره ، انتهى.
ومعنى قوله «وجبت» أنها ثابتة لا بد منها بالوعد الصادق.