يفعل إعطاء الجزيل. فتقديم المسند إليه «هو» وتكريره في الضمير المستتر في «يعطي» أدى إلى تقوية الحكم وتقريره.
وسبب التقوي على ما ذكره عبد القاهر الجرجاني هو أن الاسم لا يؤتى به مجردا من العوامل إلا لحديث قد نوي إسناده إليه فإذا قلت : «عبد الله» فقد أشعرت السامع بذلك أنك تريد الحديث عنه ، فهذا توطئة له وتقدمة للإعلام به ، فإذا جئت بالحديث فقلت : «قام» مثلا دخل على القلب دخول المأنوس به ، وذلك لا محالة أشد لثبوته وأنفى للشبهة وأمنع للشك. وجملة الأمر أنه ليس إعلامك بالشيء بغتة مثل الإعلام به بعد التنبيه عليه ، لأن ذلك يجري مجرى تكرير الإعلام في التأكيد والإحكام. وعلى ضوء ذلك يتضح الفرق من حيث تقوية الحكم وتقريره بين «هو يعطي الجزيل» و «يعطي الجزيل».
ومن هذا القبيل قوله تعالى : (وَالَّذِينَ هُمْ بِرَبِّهِمْ لا يُشْرِكُونَ) فهذا أبلغ في تأكيد نفي الإشراك مما لو قيل : والذين بربهم لا يشركون أو لا يشركون بربهم.
ومنه كذلك قول أبي فراس الحمداني مخاطبا سيف الدولة :
ألست وإياك من أسرة |
|
وبيني وبينك قرب النسب؟ |
فالبيت يشتمل على جملتين تقدم المسند إليه في الأولى وتأخر في الثانية ، وليس من سبب لذلك في الحالين إلا تقرير الحكم الذي تضمنته كلتا الجملتين وتقويته.
٦ ـ التخصيص : وهذا يعني أن المسند إليه قد يقدم ليفيد تخصيصه بالخبر الفعلي بشرط أن يكون مسبوقا بحرف نفي نحو : ما أنا قلت هذا ، أي : لم أقله ولكنه مقول غيري. فأنت في هذا المثال تنفي وقوع المقول منك ، ولكنك لا تنفي وقوعه من غيرك. ولهذا لا يصح : ما أنا قلت هذا ولا غيري. فتقديم المسند إليه «أنا» أفاد نفي الفعل عنك وثبوته لغيرك.