«الباء» ومن استعمالاتها أن تزاد لتوكيد ما بعدها ، وقد تزاد كثيرا في الخبر بعد «ليس وما» النافيتين ، وعندئذ تكون زيادتها لتوكيد نفي ما بعدها ، وذلك نحو قوله تعالى : (وَمَا اللهُ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ ،) وقوله تعالى أيضا : (فَذَكِّرْ إِنَّما أَنْتَ مُذَكِّرٌ ، لَسْتَ عَلَيْهِمْ) بمسيطر. وقول معن ابن أوس :
ولست بماش ما حييت لمنكر |
|
من الأمر لا يمشي لمثله مثلي |
فزيادة الباء هنا إنما هو لتأكيد معنى النفي ؛ أي تأكيد نفي ما بعدها.
١٠ ـ «حروف التنبيه» : ومما يزاد أيضا حروف التنبيه ، ومنها «ألا وأما» بفتح الهمزة والتخفيف. و «ألا» قد تزاد للتنبيه ، وعندئذ تدل على تحقق ما بعدها ، ومن هنا تأتي دلالتها على معنى التأكيد ، وذلك نحو قوله تعالى : (أَلا إِنَّ أَوْلِياءَ اللهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ).
و «أما» حرف استفتاح وهي بمنزلة «ألا» في دلالتها على تحقق ما بعدها تأكيدا ، ويكثر مجيئها قبل القسم ، لتنبيه المخاطب على استماع القسم وتحقيق المقسم عليه ، نحو قوله أبي صخر الهذلي :
أما والذي أبكى وأضحك والذي |
|
أمات وأحيا والذي أمره الأمر |
لقد تركتني أحسد الوحش أن أرى |
|
أليفين منها لا يروعهما النفر (١) |
* * *
خروج الخبر عن مقتضى الظاهر :
من دراستنا السابقة لأضرب الخبر أدركنا أن المخاطب على حسب تخيل المتكلم أو القائل إن كان خالي الذهن ألقي إليه الخبر غير مؤكد ، وإن كان مترددا شاكا في مضمونه طالبا معرفته حسن توكيده له ، وإن كان منكرا للخبر وجب توكيده له بمؤكد أو أكثر على حسب درجة إنكاره قوة وضعفا.
وإلقاء الكلام أو الخبر بهذه الطريقة المتدرجة على حسب جهل
__________________
(١) لا يروعهما النفر : لا يفزعهما التفرق أو الفراق.