والفم». ومن هنا قيل إن الإنشاء الطلبي هو ما يتأخر وجود معناه عن وجود لفظه ، أو هو ما يسبق وجود لفظه على وجود معناه.
أما الإنشاء غير الطلبي فهو ما يقترن فيه الوجودان ، بمعنى أن يتحقق وجود معناه في الوقت الذي يتحقق فيه وجود لفظه ، أي في الوقت الذي يتم اللفظ به. فإذا قال شخص لآخر زوجتك ابنتي ، فقال الآخر : «قبلت هذا الزواج» فإن معنى الزواج أو وجوده يتحقق في وقت التلفظ بكلمة القبول.
والإنشاء غير الطلبي ليس من مباحث علم المعاني ، وذلك لقلة الأغراض البلاغية التي تتعلق به من ناحية ، ولأن أكثر أنواعه في الأصل أخبار نقلت إلى معنى الإنشاء من ناحية أخرى.
أما الإنشاء الذي هو موضع اهتمام البلاغيين ، لاختصاصه بكثير من الدلالات البلاغية فهو «الإنشاء الطلبيّ» والذي ننتقل الآن لدراسته بشيء من التفصيل.
* * *
الإنشاء الطلبي
عرفنا مما سبق أن الإنشاء قسيم الخبر ، وإذا كان الخبر هو كل كلام يحتمل الصدق والكذب ، فإن الإنشاء على عكسه هو ما لا يحتمل الصدق والكذب من الكلام.
وعلى حد تعريف البلاغيين هو ما يستدعي مطلوبا غير حاصل في وقت الطلب ، أو هو كما يقولون بعبارة أخرى : ما يتأخر وجود معناه عن وجود لفظه.
وأهم أنواع الإنشاء الطلبيّ ، كما ذكرنا آنفا ، خمسة : «الأمر ، والنهي ، والاستفهام ، والتمني ، والنداء». نقول ذلك لأن من أنواع الإنشاء الطلبيّ أيضا «العرض والتحضيض (١)» ، ولكن الأنواع الخمسة الأولى أكثر
__________________
(١) «العرض» بفتح العين وسكون الراء ، وأداته «ألا» بتخفيف اللام ، و «التحضيض» أداته