و «لعل» التي تعد من صيغ الإنشاء غير الطلبي هي التي تفيد الرجاء ، نحو قول ذي الرمّة :
لعل انحدار الدمع يعقب راحة |
|
من الوجد أو يشفي شجيّ البلابل (١) |
أما «لعل» التي تكون بمعنى «كي» نحو قوله تعالى : (لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) ، و (لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) ، و (لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ) أي كي تتقوا ، وكي تتذكروا ، وكي يتذكر ، وكذلك «لعل» التي بمعنى «ظنّ» نحو قول امرىء القيس :
وبدلت قرحا داميا بعد صحة |
|
لعل منايانا تحولنّ أبؤسا |
فإن «لعل» في هاتين الحالين لا تفيد الرجاء ، وبالتالي لا تعد من صيغ الإنشاء غير الطلبي.
ومن أمثلة أفعال الرجاء قوله تعالى : عسى (اللهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ ،) وقول الشاعر :
عسى فرج يأتي به الله إنه |
|
له كلّ يوم في خليقته أمر |
وقول الأعشى :
إن يقل هنّ من بني عبد شمس |
|
فحرى أن يكون ذاك ، وكانا |
ونحو «اخلوقت السماء أن تمطر» بمعنى «عسى».
٥ ـ صيغ العقود : من نحو قولك : بعت ، واشتريت ، ووهبت ، وقولك لمن أوجب لك الزواج «قبلت هذا الزواج».
والفرق بين الإنشاء الطلبي وغير الطلبي ، أن الإنشاء الطلبي هو ما يتأخر وجود معناه عن وجود لفظه ، فإذا أمرت الأم ولدها قائلة : «اغسل يديك وفمك قبل الأكل وبعده» فإن لفظ الأمر «اغسل» قد سبق إلى الوجود قبل وجود معناه ، أي قبل قيام المأمور ، بتنفيذ ما أمر به وهو «غسل اليدين
__________________
(١) الشجي : الحزين ، والبلابل : جمع بلبال وهو الهم ووسواس الصدر. والمراد بشجي البلابل المحزون الذي امتلأ صدره حزنا وهما.