الإطناب
عرض الجاحظ للإطناب فقال : «وقد بقيت ـ أبقاك الله ـ أبواب توجب الإطالة وتحوج إلى الإطناب. وليس بإطالة ما لم يجاوز مقدار الحاجة ، ووقف عند منتهى البغية (١).
فالإطناب والإطالة في رأي الجاحظ مترادفان ومقابلان للإيجاز ، وهما عنده : كل ما جاوز مقدار الحاجة من الكلام ولم يقف عند منتهى البغية (٢).
وأشار أبو هلال العسكري إلى الإطناب في معرض كلامه عن الحاجة إلى الإيجاز والإطناب فقال : «والقول القصد أن الإيجاز والإطناب يحتاج إليهما في جميع الكلام وكلّ نوع منه ، ولكل واحد منهما موضع ، فالحاجة إلى الإيجاز في موضعه كالحاجة إلى الإطناب في مكانه. فمن أزال التدبير في ذلك عن جهته ، واستعمل الإطناب في موضع الإيجاز ، واستعمل الإيجاز في موضع الإطناب أخطأ (٣)».
وأبو هلال متأثر في هذا الرأي بأقوال السابقين في البلاغة كقول القائل : «البلاغة الإيجاز في غير عجز والإطناب في غير خطل».
وإذا كانت الإطالة عند الجاحظ مرادفة للإطناب فإنها عند أبي هلال مقابلة لها وفي ذلك يقول : «فالإطناب بلاغة والتطويل عيّ ، لأن التطويل
__________________
(١) كتاب الحيوان ج ٦ ص ٧.
(٢) كتاب الصناعتين ص ١٩٠.