بمنزلة سلوك ما يبعد جهلا بما يقرب ، والإطناب بمنزلة سلوك طريق بعيد نزه يحتوي على زيادة فائدة (١)».
أما ضياء الدين بن الأثير فيقرر أولا أن علماء البيان قد اختلفوا في الإطناب ، وأن منهم من ألحقه بالتطويل الذي هو ضد الإيجاز.
بعد ذلك يعرض ابن الأثير لتحديد مفهوم «الإطناب» كما يراه هو فيقول : «إذا رجعنا إلى الأسماء واشتقاقاتها وجدنا هذا الاسم ـ الإطناب ـ مناسبا لمسماه. وهو في الأصل مأخوذ من أطنب في الشيء إذا بالغ فيه ، ويقال أطنبت الريح إذا اشتدت في هبوبها ، وأطنب في السير إذا اشتد فيه. وعلى هذا فإن حملناه على مقتضى مسماه كان معناه : المبالغة في إيراد المعاني. وهذا لا يختص بنوع واحد من أنواع البيان وإنما يوجد فيها جميعا ، إذ ما من نوع منها إلا ويمكن المبالغة فيه. وإذا كان الأمر كذلك فينبغي أن يفرد هذا النوع من بينها ، ولا يتحدد إفراده إلا بذكر حده الدال على حقيقته».
ثم يخلص من ذلك إلى تحديد مفهومه الاصطلاحي أو البلاغي فيقول : «الإطناب هو زيادة اللفظ على المعنى لفائدة» ، وعنده إن هذا الحد هو الذي يميزه عن التطويل ، إذا التطويل : «هو زيادة اللفظ عن المعنى لغير فائدة» ، كما يميزه عن التكرير الذي هو : «دلالة اللفظ على المعنى مكررا ، كقولك لمن تستدعيه : أسرع أسرع ، فإن المعنى مردد واللفظ واحد».
ثم لبيان التكرير الذي يدخل في باب الإطناب ، والتكرير الذي يخرج من باب الإطناب ويدخل في باب التطويل يقول ابن الأثير : «وإذا كان التكرير : هو إيراد المعنى مرددا ، فمنه ما يأتي لفائدة ، ومنه ما يأتي لغيره فائدة. فأما الذي يأتي لفائدة فإنه جزء من الإطناب وهو أخص منه ، فيقال حينئذ : إن كل تكرير يأتي لفائدة فهو إطناب ، وليس كل إطناب تكريرا يأتي لفائدة. وأما الذي يأتي من التكرير لغير فائدة فإنه جزء من التطويل ، وهو
__________________
(١) المرجع نفسه ص ١٩١.