يريد المتنبي أن يبين لسيف الدولة أنه ، المتنبي ، عالم بمضمون الخبر الذي أورده في بيته.
وفي المثال الثالث لا يقصد الشاعر منه أن يفيد مخاطبه علما بمضمون البيت الذي أسنده إليه ، من اغتيابه له في كل مكان يكون فيه ، ومن الزعم بأنه ليس كفئا له ، لأن المخاطب يعلم أن ذلك قد حدث منه ويحدث ، وإنما يبغي الشاعر من وراء إلقاء هذا الخبر على من يخاطبه به بأنه يعلم مضمونه ولا يجهله.
فالمخاطب إذن في كل مثال من الأمثلة الثلاثة لم يستفد علما بالخبر نفسه ، لأنه يعلمه مسبقا ولا يجهله ، وإنما استفاد أن المتكلم عالما به ، ويسمى ذلك النوع من الخبر «لازم الفائدة».
ومن الأمثلة السابقة ونظائرها يمكن القول بأن الخبر «لازم الفائدة» يأتي في مواضع المدح والعتاب واللوم وما أشبه ذلك من كل موضع يأتي فيه إنسان ما عملا ما ، ثم يأتي شخص آخر فيخبره به لا على أساس أن المخاطب يجهله ، وإنما على أساس أن المتكلم عالم بالحكم ، أي بمضمون الخبر الذي أسنده إليه.
* * *
أضرب الخبر :
على أن الخبر سواء أكان الغرض منه «فائدة الخبر» أو «لازم الفائدة» لا يأتي على ضرب واحد من القول. وإنما ينبغي على صاحب الخبر أن يأخذ في اعتباره حالة المخاطب عند إلقاء الخبر ، وذلك بأن ينقله إليه في صورة من الكلام تلائم هذه الحالة بغير زيادة أو نقصان.
والمخاطب بالنسبة لحكم الخبر ، أي مضمونه ، له ثلاث حالات هي :
١ ـ أن يكون المخاطب خالي الذهن من الحكم ، وفي هذه الحال يلقى