فقد شبّه الرطب من قلوب الطير بالعناب ، واليابس منها بالحشف البالي ، فجاء تشبيهه في غاية الجودة.
وكقول الطرماح في وصف ثور وحشي :
يبدو وتضمره البلاد كأنه |
|
سيف على شرف يسلّ ويغمد |
فالثور الوحشي حين يظهر كأنه سيف يسلّ من غمده على مكان عال ، وهو حين يخفى كأنه سيف يغمد في غمده.
وكقول البحتري في وصف الندى تحمله شقائق النعمان :
شقائق يحملن الندى فكأنه |
|
دموع التصابي في خدود الخرائد (١) |
فقطرات الندى مشبهة بدموع التصابي ، وشقائق النعمان بخدود الحسان.
وكقول بشار بن برد :
كأن مثار النقع فوق رؤوسنا |
|
وأسيافنا ليل تهاوى كواكبه |
شبّه مثار النقع والغبار فوق الرؤوس بظلمة الليل ، وشبّه السيوف بالكواكب وقد كثر تشبيههم شيئين بشيئين حتى لم يصر عجبا.
وكقول آخر :
بيضاء تسحب من قيام فرعها |
|
وتغيب فيه وهو جثل أسحم |
فكأنها فيه نهار ساطع |
|
وكأنه ليل عليها مظلم |
شبّه امرأة بيضاء في شعرها الأسود المسترسل إلى الأرض بالنهار الساطع وشبّه شعرها الكثيف الملتف على رأسها بالليل المظلم.
__________________
(١) الخرائد : جمع خريدة ، وهي من النساء البكر التي لم تمسّ قطّ.