الوقت ذاته من إرادة المعنى الحقيقي لهذه اللفظة.
* * *
والمجاز المرسل ، كما عرفه الخطيب القزويني ، هو ما كانت العلاقة بين ما استعمل فيه وما وضع له ملابسة غير التشبيه ، وذلك مثل لفظة «اليد» إذا استعملت في معنى «النعمة» ، لأن من شأنها أن تصدر عن الجارحة ومنها تصل إلى المقصود بها (١). وقد سماه البلاغيون «مجازا مرسلا» لإرساله عن التقييد بعلاقة المشابهة.
وقد اشترط عبد القاهر الجرجاني في ذلك أن يكون في الكلام إشارة إلى مصدر تلك النعمة وإلى المولي لها ، فلا يقال : اتسعت «اليد» في البلد ، أو اقتنيت «يدا» ، كما يقال : اتسعت النعمة في البلد أو اقتنيت نعمة ، وإنما يقال : جلّت «يده» عندي ، وكثرت أياديه لديّ ونحو ذلك.
ونظير هذا «اليد» في معنى «القدرة» لأن أكثر ما يظهر سلطان القدرة في اليد ، وبها يكون البطش والضرب والقطع والأخذ والدفع والوضع والرفع ، إلى سائر الأفعال التي تنبىء عن وجوه القدرة ومكانها.
ونظير هذا أيضا قولهم في صفة راعي الإبل : «إن له عليها إصبعا» ، أرادوا أن يقولوا : له عليها أثر حذق ، فدلّوا عليها بالإصبع ، لأنه ما من حذق في عمل يد إلا وهو مستفاد من حسن تصريف الأصابع ، واللطف في رفعها ووضعها كما في الخط والنقش.
وعلى ذلك قيل في تفسير قوله تعالى : (بَلى قادِرِينَ عَلى أَنْ نُسَوِّيَ بَنانَهُ ،) أي نجعلها كخفّ البعير ، فلا يتمكن من الأعمال اللطيفة ،
__________________
(١) كتاب التلخيص للقزويني ص ٢٩٥.