في كون الرجل ربيئة ، إذ ما عداها من أعضاء الجسم لا يغني شيئا مع فقدها ، فصارت كأنها الشخص كله.
ومن أجل ذلك قال البلاغيون : «لا بد في الجزء المطلق على الكل من أن يكون له مزيد اختصاص بالمعنى الذي قصد بالكل ، فمثلا لا يجوز إطلاق اليد أو الإصبع على الربيئة وإن كان كل منهما جزءا منه» (١).
* * *
٤ ـ الكلية : وهذا يعني تسمية الشيء باسم كله ، وذلك فيما إذا ذكر الكل وأريد الجزء ، نحو قوله تعالى على لسان نوح عليهالسلام : (قالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلاً وَنَهاراً ، فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعائِي إِلَّا فِراراً وَإِنِّي كُلَّما دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصابِعَهُمْ فِي آذانِهِمْ ،) فالكلمة موضع المجاز في هذه الآية الكريمة هي «أصابعهم» فقد أطلقت وأريد أناملها أو أطرافها ، لأن الإنسان لا يستطيع أن يضع إصبعه كلها في أذنه. وكل مجاز من هذا النوع يطلق فيه الكل ويراد الجزء هو مجاز مرسل علاقته «الكلية». والغرض منه هنا هو المبالغة في الإصرار على عدم سماع الحق بدليل وضع أصابعهم في آذانهم.
ومنه قوله تعالى : (يَقُولُونَ بِأَفْواهِهِمْ ما لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ) فالإنسان لا يتكلم بفمه وإنما يتكلم بلسانه فإطلاق الأفواه على الألسنة مجاز مرسل علاقته «الكلية».
ومنه كذلك : أقام أبو الطيب المتنبي في مصر فترة من حياته. فالمراد أن المتنبي أقام في بعض بلاد مصر ولم يقم في القطر جميعه ، فإطلاق «مصر» وإرادة بعض بلادها مجاز مرسل علاقته «الكلية».
__________________
(١) كتاب التلخيص للقزويني ص ٢٩٨.