٥ ـ اعتبار ما كان : أي تسمية الشيء باسم ما كان عليه ، نحو قوله تعالى : (وَآتُوا الْيَتامى أَمْوالَهُمْ ،) أي الذين كانوا يتامى. وتفصيل ذلك أن اليتيم في اللغة هو الصغير الذي مات أبوه ، والأمر الوارد في الآية الكريمة ليس المراد به إعطاء اليتامى الصغار أموال آبائهم ، وإنما الواقع أن الله يأمر بإعطاء الأمول من وصلوا سن الرشد والبلوغ بعد أن كانوا يتامى. فكلمة «اليتامى» هنا مجاز مرسل استعملت وأريد بها الراشدون ممن كانوا يتامى. وعلاقة هذا المجاز «اعتبار ما كان».
ومنه قولك : «من الناس من يأكل القمح ومنهم من يأكل الذرة والشعير» وأنت تريد بالقمح والذرة والشعير «الخبز» الذي كان في الأصل قمحا أو ذرة أو شعيرا. فعلاقة المجاز المرسل هنا «اعتبار ما كان».
ومثله أيضا قولك : «شربت البن» تريد بذلك : شربت «قهوة» كان أصلها بنّا. فإطلاق البن على القهوة مجاز مرسل علاقته أيضا «اعتبار ما كان».
* * *
٦ ـ اعتبار ما يكون : وهو تسمية الشيء باسم ما يؤول إليه. نحو قوله تعالى على لسان أحد الفتيين اللذين دخلا السجن مع يوسف عليهالسلام : (إِنِّي أَرانِي أَعْصِرُ خَمْراً.) فالمجاز هنا في كلمة «خمرا» ، والخمر لا تعصر لأنها سائل ، وإنما الذي يعصر هو «العنب» الذي يؤول ويتحول بالعصر إلى خمر. فإطلاق الخمر وإرادة العنب مجاز مرسل علاقته «اعتبار ما يكون».
ونحو قوله تعالى على لسان نوح عليهالسلام : (وَقالَ نُوحٌ رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيَّاراً. إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبادَكَ وَلا يَلِدُوا إِلَّا فاجِراً كَفَّاراً) ففي كلمتي «فاجرا وكفارا» من قوله تعالى : (وَلا يَلِدُوا