متى يأتك المقدار لا تك هالكا |
|
ولكن زمان غال مثلك هالك (١) |
* * *
ثم نلتقي بعد ابن المعتز بقدامة بن جعفر المتوفي سنة ٣٣٧ للهجرة ، فقد عقد قدامة في كتابه «نقد النثر» بابا للاستعارة تحدث فيه عن الحاجة إليها في كلام العرب ومفهومها عنده ، كما تحدث عن الاستعارة المكنية وإن لم يسمها الاسم الذي عرفت به فيما بعد.
فعن الأمرين الأولين يقول قدامة : «وأما الاستعارة فإنما احتيج إليها في كلام العرب لأن ألفاظهم أكثر من معانيهم ، وليس هذا في لسان غير لسانهم ، فهم يعبرون عن المعنى الواحد بعبارات كثيرة ربما كانت مفردة له ، وربما كانت مشتركة بينه وبين غيره ، وربما استعاروا بعض ذلك في موضع بعض على التوسع والمجاز ، فيقولون إذا سأل الرجل الرجل شيئا فبخل به عليه : «لقد بخّله فلان» ، وهو لم يسأله ليبخل وإنما سأله ليعطيه ؛ لكن البخل لمّا ظهر منه عند مسألته إياه ، جاز في توسعهم ومجاز قولهم أن ينسب ذلك إليه.
ومنه قول الشاعر : «... فللموت ما تلد الوالدة» ، والوالدة إنما تطلب الولد ليعيش لا ليموت ، لكن لما كان مصيره إلى الموت جاز أن يقال : للموت ولدته» (٢).
فالاستعارة في نظر قدامة تتمثل في استعارة بعض الألفاظ في موضع بعض على سبيل التوسع والمجاز.
وعن الاستعارة المكنية التي التفت إليها ولم يسمها باسمها
__________________
(١) كتاب البديع ص ٢٣.
(٢) كتاب نقد النثر لقدامة ص ٦٤.