وإذا تأملنا هذه الاستعارة التي استوفت قرينتها رأينا أنها تشتمل بالإضافة إلى ذلك على شيء يلائم المشبه «النفس» وذلك الشيء هو «إبعادها عن شهواتها». فذكر الإبعاد عن الشهوات وهو ملائم المشبه تجريد. ومن أجل ذلك تسمى الاستعارة «مجردة».
وهكذا يتضح من تحليل الاستعارات الثلاث السابقة ، أن الاستعارة مطلقا إذا استوفت قرينتها وذكر معها ما يلائم المشبه فإن الاستعارة بسبب ذلك تسمى استعارة «مجردة».
* * *
٣ ـ والاستعارة المطلقة : هي ما خلت من ملائمات المشبه به والمشبه ، وهي كذلك ما ذكر معها ما يلائم المشبه به والمشبه معا.
أ ـ فمن أمثلة الاستعارة المطلقة قوله تعالى : (إِنَّا لَمَّا طَغَى الْماءُ حَمَلْناكُمْ فِي الْجارِيَةِ.) ففي لفظة «طغى» استعارة تصريحية تبعية ، فقد شبّه فيها «الزيادة» «بالطغيان» بجامع تجاوز الحد في كل ، ثمّ اشتقّ من «الطغيان» الفعل طغى بمعنى زاد على سبيل الاستعارة التصريحية التبعية. والقرينة المانعة من إرادة المعنى الأصلي لفظية وهي «الماء».
وإذا تأملنا هذه الاستعارة بعد استيفاء قرينتها رأيناها خالية مما يلائم المشبه به والمشبه. ولهذا تسمى استعارة «مطلقة».
ب ـ ومن أمثلتها أيضا قول المتنبي يخاطب ممدوحه :
يا بدر يا بحر يا غمامة يا |
|
ليث الشرى يا حمام يا رجل (١) |
ففي هذا البيت استعارة تصريحية في كل من : «بدر» و «بحر»
__________________
(١) الشرى : مكان في جزيرة العرب يوصف بكثرة الأسود ، والحمام بكسر الحاء : الموت.