واستجلاء لحقيقة هذه الاستعارة نورد فيما يلي بعض الأمثلة لها معقّبين عليها بالشرح والتحليل.
* * *
الأمثلة :
١ ـ قال المتنبي :
ومن يك ذا فم مرّ مريض |
|
يجد مرّا به الماء الزلالا |
«يقال لمن لم يرزق الذوق لفهم الشعر الرائع».
فهذا البيت يدل وضعه الحقيقي على أنّ المريض الذي يصاب بمرارة في فمه إذا شرب الماء العذب وجده مرا. ولكن المتنبي لم يستعمله في هذا المعنى بل استعمله فيمن يعيبون شعره لعيب في ذوقهم الشعري ، وضعف في إدراكهم الأدبي ، فهذا التركيب مجاز قرينته حالية ، وعلاقته المشابهة ، والمشبه هنا حال المولعين بذمه والمشبه به حال المريض الذي يجد الماء الزلال مرا في فمه.
ولذلك يقال في إجراء هذه الاستعارة : شبهت حال من يعيبون شعر المتنبي لعيب في ذوقهم الشعري بحال المريض الذي يجد الماء العذب الزلال مرا في فمه بجامع السّقم في كلّ منهما ، ثمّ استعير التركيب الدال على المشبه به للمشبه على سبيل الاستعارة التمثيلية. والقرينة التي تمنع من إرادة المعنى الأصلي قرينة حالية تفهم من سياق الكلام.
* * *
٢ ـ قال الشاعر :
ومن ملك البلاد بغير حرب |
|
يهون عليه تسليم البلاد |