أماويّ لا يغني الثراء عن الفتى |
|
إذا حشرجت يوما وضاق بها الصدر |
ويقولون : إذا أغبر أفق وهبت شمالا. أضمر الريح ولم يجر لها ذكر» (١).
فابن فارس يشير بهذا إلى قول النحاة بأنّ ضمير الغائب إذا كان عائده غير لفظ فإن عائده هو «الغائب المعلوم». فالضمير في «هبت شمالا» يعود على الغائب المعلوم وهو الريح ، لأنّه معلوم أنّ التي تهب شمالا هي الريح. ولهذا فالضمير المستجن أو المستتر في «هبت» هو كناية عن ذلك الغائب المعلوم ومثل ذلك قوله تعالى : (إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ.) فالهاء في «أنزلناه» كناية عن الغائب المعلوم وهو «القرآن الكريم».
* * *
وأبو هلال العسكري يقرن الكناية بالتعريض كأنّما يعتبرهما أمرا واحدا ، ثمّ يعرفهما بقوله : «الكناية والتعريض أن يكنّى عن الشيء ويعرّض به ولا يصرّح ، على حسب ما عملوا بالتورية عن الشيء» ثمّ يورد أمثلة لهما ، وكذلك للتعريض الجيد والكناية المعيبة.
ومن الأمثلة التي أوردها أبو هلال قوله : ومن مليح ما جاء في هذا الباب قول أبي العيناء وقيل له : ما تقول في ابني وهب؟ قال : «وما يستوي البحران هذان عذب فرات سائغ شرابه وهذا ملح أجاج» سليمان أفضل. قيل : وكيف؟ قال : (أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلى وَجْهِهِ أَهْدى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ.)(٢)
__________________
(١) كتاب الصاحبي في فقه اللغة وسنن العرب في كلامها ص ٢٦٠ ـ ٢٦٣.
(٢) كتاب الصناعتين ص ٢٦٨.