١ ـ ومن أمثلة ذلك قول عمر بن أبي ربيعة في صاحبته هند :
نظرت إليها بالمحصّب من منى |
|
ولي نظر لو لا التحرّج عارم |
فقلت : أشمس أم مصابيح بيعة |
|
بدت لك تحت السّجف أم أنت حالم؟ |
بعيدة مهوى القرط إمّا لنوفل |
|
أبوها وإمّا عبدّ شمس وهاشمّ (١) |
فالكناية هنا في البيت الثالث ، هي «بعيدة مهوى القرط» ، ومهوى القرط المسافة من شحمة الأذن إلى الكتف. فابن أبي ربيعة يصف صاحبته بأنها بعيدة مهوى القرط ، وهو بهذه الصفة يريد أن يدل على أن هندا صاحبته «طويلة الجيد». ولهذا عدل عن التصريح بهذه الصفة إلى الكناية عنها ، لأن بعد المسافة بين شحمة الأذن والكتف يستلزم طول الجيد.
٢ ـ وقال المتنبي في إيقاع سيف الدولة ببني كلاب :
فمساهم وبسطهمو حرير |
|
وصبحهم وبسطهمو تراب |
فالمتنبي هنا يصف بني كلاب الذين أوقع بهم سيف الدولة بأن بسطهم في المساء وقبل الإيقاع بهم كانت من الحرير ثم صارت في الصباح من التراب بسبب ما أصابهم من الأمير سيف الدولة.
وقصد الشاعر من وراء هذا التعبير في الواقع أن يصف بني كلاب بأنهم في المساء كانوا سادة أعزاء ثم صاروا في الصباح وبعد الإيقاع بهم فقراء أذلاء. وقد عدل الشاعر بتعبيره عن التصريح إلى أسلوب الرمز
__________________
(١) ديوان عمر بن أبي ربيعة ص ٢٠٧ ، ونظر عارم : خارج عن القصد ، والبيعة بكسر الباء : متعبد النصارى ، والسجف بكسر السين : الستر ، وبعيدة مهوى القرط : كناية عن طول عنقها ، ونظيره قول الحماسي :
أكلت دما إن لم أرعك بضرة |
|
بعيدة مهوى القرط طيبة النشر |