والكناية ، لأن بسط الحرير التي كانت لهم في المساء تستلزم السيادة والعزة ، وإن هذه البسط التي تحولت في الصباح إلى تراب تستلزم الفقر والحاجة والذلة. فالبيت كما نرى كناية عن صفة. هذا ويجوز حمل المعنى على جانب الحقيقة ، بمعنى أنه يصح هنا إرادة المعنى المفهوم من صريح اللفظ ، أي أنهم في المساء كانوا يجلسون على بسط من الحرير فعلا ثم صاروا في الصباح يجلسون على التراب حقيقة.
٣ ـ وقالت الخنساء في أخيها صخرا :
طويل النجاد رفيع العماد |
|
كثير الرماد إذا ما شتا |
فالخنساء في هذا البيت تصف أخاها صخرا بثلاث صفات هي : إنه طويل النجاد ، رفيع العماد ، كثير الرماد.
وهي بهذه الصفات تريد أن تدل على أن أخاها شجاع ، عظيم في قومه ، كريم. ولكنها عدلت عن التصريح بهذه الصفات إلى الكناية عنها ، لأنه يلزم من طول حمالة السيف طول صاحبه ، ويلزم من طول الجسم الشجاعة عادة ، ثم إنه يلزم من كونه رفيع العماد أن يكون سيدا عظيم القدر والمكانة في قومه وعشيرته ، كما أنه يلزم من كثرة الرماد كثرة إحراق الحطب تحت القدور ، ثم كثرة الضيفان ، ثم كثرة الكرم. وهنا أيضا يجوز حمل المعنى على جانب الحقيقة ، فمن الجائز بالإضافة إلى المعنى الكنائي أن يكون أخوها حقيقة طويل النجاد ، رفيع العماد ، كثير الرماد.
فتراكيب الكناية في الأمثلة السابقة هي «بعيدة مهوى القرط» و «كون بسطهم حريرا» و «كون بسطهم ترابا» و «طويل النجاد» و «رفيع العماد» و «كثير الرماد».
ولما كان كل تركيب من هذه التراكيب قد كني به عن صفة لازمة