الشافعي إلى أن اللمس هو مصافحة الجسد الجسد ، فأوجب الوضوء على الرجل إذا لمس المرأة ، وذلك هو الحقيقة في اللمس.
وذهب غيره إلى أن المراد باللمس هو الجماع ، وذلك مجاز فيه وهو الكناية ، وكل موضع ترد فيه الكناية فإنه يتجاذبه جانبا حقيقة ومجاز ، ويجوز حمله على كليهما معا.
أما التشبيه فليس كذلك ولا غيره من أقسام المجاز ، لأنه لا يجوز حمله إلا على جانب المجاز خاصة ، ولو حمل على جانب الحقيقة لاستحال المعنى. ألا ترى أنا إذا قلنا «زيد أسد» لا يصح إلا على جانب المجاز خاصة ، وذاك أنا شبهنا زيدا بالأسد في شجاعته ، ولو حملناه على جانب الحقيقة لاستحال المعنى ، لأن زيدا ليس ذلك الحيوان ذا الأربع والذنب والوبر والأنياب والمخالب.
وقد خلص من هذا النقاش إلى تعريف الكناية بقوله : «حد الكناية الجامع لها هو أنها كل لفظة دلت على معنى يجوز حمله على جانبي الحقيقة والمجاز بوصف جامع بين الحقيقة والمجاز» وطبقا لهذا التعريف فمثالها عنده قوله تعالى : (إِنَّ هذا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ واحِدَةٌ) فكنى بذلك عن النساء ، والوصف الجامع بين المعنى الحقيقي والمجازي هو التأنيث. ولو لا ذلك لقيل في هذا الموضع إن هذا أخي له تسع وتسعون كبشا ولي كبش واحد ، وقيل هذه كناية عن النساء. فالوصف الجامع بين الحقيقة والمجاز شرط في صحة تعريف الكناية عنده.
* * *
بعد ذلك انتقل ابن الأثير إلى بيان ما بين الكناية والاستعارة من صلة فقال : «أما الكناية فإنها جزء من الاستعارة ، ولا تأتي إلا على حكم