الاستعارة خاصة ، لأن الاستعارة لا تكون إلا بحيث يطوى ذكر المستعار له ، أي المشبه ، وكذلك الكناية فإنها لا تكون إلا بحيث يطوى ذكر المكنى عنه ، أي لازم المعنى.
ونسبة الكناية إلى الاستعارة نسبة خاص إلى عام ، فيقال كل كناية استعارة ، وليس كل استعارة كناية ، وهذا فرق بينهما. ويفرق بينهما من وجه آخر ، وهو أن الاستعارة لفظها صريح ، والصريح هو ما دل عليه ظاهر لفظه ، والكناية ضد الصريح ، لأنها عدول عن ظاهر اللفظ. وهذه فروق ثلاثة : أحدها الخصوص والعموم ، والآخر الصريح ، والثالث الحمل على جانب الحقيقة والمجاز. وإذا كانت الكناية جزءا من الاستعارة ، وكانت الاستعارة جزءا من المجاز ، فإن نسبة الكناية إلى المجاز هي نسبة جزء الجزء وخاص الخاص.
* * *
ومن بيان الصلة بين الكناية والاستعارة والتفرقة بينهما انتقل ابن الأثير لبحث الصلة بين التعريض والكناية. وقد بدأ بتعريف التعريض فقال : «أما التعريض فهو اللفظ الدال على الشيء من طريق المفهوم لا بالوضع الحقيقي ولا المجازي» ، فإنك إذا قلت لمن تتوقع صلته ومعروفه بغير طلب : «والله إني لمحتاج ، وليس في يدي شيء ، وأنا عريان ، والبرد قد آذاني» ، فإن هذا وأشباهه تعريض بالطلب ، وليس هذا اللفظ موضوعا في مقابلة الطلب لا حقيقة ولا مجازا ، إنما دل عليه من طريق المفهوم ، بخلاف دلالة اللمس على الجماع. وعنده أن التعريض إنما سمي تعريضا لأن المعنى فيه يفهم من عرضه أي من جانبه ، وعرض كل شيء جانبه.
وكما فرق بين الكناية والتعريض من جهة خفاء الدلالة ووضوحها ، فرق بينهما كذلك من جهة اللفظ فقال : «واعلم أن الكناية تشمل اللفظ