المفرد والمركب معا ، فتأتي على هذا تارة وعلى هذا أخرى. وأما التعريض فإنه يختص باللفظ المركب ، ولا يأتي في اللفظ المفرد البتّة. والدليل على ذلك أن التعريض لا يفهم المعنى فيه من جهة الحقيقة ولا من جهة المجاز ، وإنما يفهم من جهة التلويح والإشارة ، وذلك لا يستقل به اللفظ المفرد ، ولكنه يحتاج في الدلالة عليه إلى اللفظ المركب».
ومن أمثلة التعريض :
١ ـ قوله تعالى في شأن قوم نوح : (فَقالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ ما نَراكَ إِلَّا بَشَراً مِثْلَنا وَما نَراكَ اتَّبَعَكَ إِلَّا الَّذِينَ هُمْ أَراذِلُنا بادِيَ الرَّأْيِ وَما نَرى لَكُمْ عَلَيْنا مِنْ فَضْلٍ بَلْ نَظُنُّكُمْ كاذِبِينَ.)
فقوله : «ما نراك إلا بشرا مثلنا» تعريض بأنهم أحق بالنبوة منه ، وأن الله لو أراد أن يجعلها في أحد من البشر لجعلها فيهم ، فقالوا : هب أنك واحد من الملأ ومواز لهم في المنزلة فما جعلك أحق منهم بها؟ ومما يؤكد ذلك قولهم : «وما نرى لكم علينا من فضل».
٢ ـ كان عمر بن الخطاب يخطب يوم جمعة ، فدخل عثمان فقال عمر : أية ساعة هذه؟ فقال عثمان : يا أمير المؤمنين انقلبت من أمر السوق فسمعت النداء ، فما زدت على أن توضأت. فقال عمر : والوضوء أيضا وقد علمت أن رسول الله كان يأمرنا بالغسل؟ فقوله : «أية ساعة هذا؟» تعريض بالإنكار عليه لتأخره عن المجيء إلى الصلاة وترك السبق إليها. وهو من التعريض المعرب عن الأدب.
٣ ـ وقفت امرأة على قيس بن عبادة فقالت : «أشكو إليك قلة الفأر في بيتي». فقال : «ما أحسن ما وردت عن حاجتها ، املأوا لها بيتها خبزا وسمنا ولحما». فهذا تعريض من المرأة حسن الموقع.