صلابتها ورسوخها ورزانتها ، ولو أشبه الشيء الشيء من جميع جهاته لكان هو هو» (١).
وما من شك في أن ابن رشيق كان ينظر أيضا إلى قول قدامة الآنف الذكر عند ما قال في كتابه العمدة ما معناه : إن المشبه لو ناسب المشبه به مناسبة كلية لكان إياه ، كقولهم «فلان كالبحر» ، إنما يريدون كالبحر سماحة وعلما وليس يريدون ملوحة البحر وزعوقته (٢).
ومما يجري مجرى الكلام السابق بالنسبة لطرفي التشبيه قول السكاكي : «لا يخفى عليك أن التشبيه مستدع طرفين مشبّها ومشبّها به ، واشتراكا بينهما من وجه وافتراقا من آخر ، مثل أن يشتركا في الحقيقة ويختلفا في الصفة أو بالعكس. فالأول كالإنسانين إذا اختلفا طولا وقصرا ، والثاني كالطولين إذا اختلفا حقيقة : إنسانا وفرسا ، وإلا فأنت خبير بأن ارتفاع الاختلاف من جميع الوجوه حتى التعيّن يأبى التعدد ، فيبطل التشبيه ، لأن تشبيه الشيء لا يكون إلا وصفا له بمشاركته المشبّه به في أمر ، والشيء لا يتصف بنفسه. كما أن عدم الاشتراك بين الشيئين في وجه من الوجوه يمنعك محاولة التشبيه بينهما ، لرجوعه إلى طلب الوصف حيث لا وصف» (٣).
وطرفا التشبيه : إما :
١ ـ حسيّان : والمراد بالحسيّ ما يدرك هو أو مادته بإحدى الحواس الخمس الظاهرة ؛ ومعنى هذا أنهما قد يكونان من المبصرات ، أو
__________________
(١) كتاب الصناعتين ص ٢٣٩.
(٢) كتاب العمدة ج ١ ص ٢٥٦.
(٣) كتاب مفتاح العلوم للسكاكي ص ١٧٧.