درجة أنها كانت تسقط من شدة الإعياء عدة مرات ، في الوقت الذي كنا نبحث فيه عن مكان ملائم نمضي الليل فيه ، إلى أن اهتدينا أخيرا إلى قرية نصبنا خيامنا على مقربة منها حيث تناولنا بعض الخبز واليقطين وأخلدنا بعدها إلى الراحة.
وقبل أن يطلع النهار بساعتين استأنفنا مسيرتنا مرة أخرى فوصلنا في الصباح الباكر إلى نهر كبير يدعى «الفرات» عبرناه بما كان معنا من سلع ومتاع ، ثم ضربنا خيامنا أمام المدينة ، وعلى مقربة من النهر في الجانب الآخر منه ، وذلك انتظارا لسفينة قادمة من أرمينية في طريقها من هناك إلى «بابل» التي تدعى الآن «فلوجة» (١).
لم أر هنا أية نباتات تستحق الاهتمام سوى الخلنجان الذي يسمى عندنا في هولندا باسم «السذاب» (٢) وهو ينمو بكثرة في الوديان الجافة. كما شاهدنا على مقربة من الطريق أول نوع من شجرة نسميها نحن «سم الكلب» (٣) وهي بأوراقها وعذوقها تشبه شجرة «الخالندين» (٤) شبها كبيرا. كما شاهدنا مساحات شاسعة من الأراضي مزروعة بنوع من القمح التركي ندعوه «جلجلان» (٥) بالإضافة إلى مساحات أخرى زرعت بالقطن
__________________
(١) وقع راوولف وغيره من الرحالين القدامى في خطأ فاحش بالنسبة إلى تحديد موقع مدينة بابل وغيرها من المدن العراقية القديمة ، ولا سيما بالنسبة إلى أولئك الذين كانوا يفدون إلى العراق من سوريا. فقد خيل إلى راوولف أن مدينة الفلوجة هي مدينة بابل نظرا لوقوعها على نهر الفرات وطراز بنائها القديم. ولقد تورط الرحالة الإنكليزي جمس بكنغهام (١٧٨٦ ـ ١٨٥٥ م) فوقع في ذات الخطأ اعتمادا على راوولف.
(٢) الخلنجان Galega والسذاب Goat Rue من النباتات الطبية.
(٣) سم الكلب أو قاتل الكلب Apocynom.
(٤) الخالندين Chelandine نبات طبي.
(٥) ليس الجلجلان Sesamo من أنواع القمح ، كما ذكر ذلك الرحالة خطأ ، إنما هو بذر الكتان.