ومع أن التجار وجدوه مجدا فيما أقدم عليه إلا أنهم لم يأبهوا به كثيرا ، ولذلك بعثوا بواحد منهم في الحادي عشر من أيلول مع أحد الأعراب (١) إلى ديار بكر حيث يقيم الباشا الكبير هناك ، وهو نجل «محمد باشا» ليرفع إليه الشكوى عن هذه المضايقات والعقبات. وما إن علم موظف الكمرك بذلك حتى تعقب الرجل مع ابنه في الحال.
لم يستطع رسولنا مواجهة الباشا لأنه كان آنذاك في مكان آخر يدعى «الجزيرة» (٢) ولذلك طلبه رسولنا إلى مسافة ثلاثة أيام من هناك.
ولقد عاد موظف الكمرك وأنبأنا كذبا بأن أوامر الباشا تقضي بأن ندفع له الضريبة بنسبة عشر «دوقات» في المائة. ورغم ذلك لم يعرف رفاقنا عن هذا الأمر شيئا ولم يثقوا بما قاله ، لكنه استطاع أن يخرج أحسن وأعظم جزء من سلعهم قبل أن يقدم إلى السفن لتفتيشها وإن كان البعض منهم قد دفنوا بعض بضائعهم ليلا في الرمال ولم يعثر الأتراك ولا الأعراب الذين كانوا يمرون في وضح النهار على أثر لتلك البضائع الدفينة.
وفي صباح اليوم التالي أقبل الموظف مع رجاله ففتشوا بعناية وحذر كبيرين كل شيء لدينا ، وكان يحمل أوامر خاصة بذلك ، ولكنه لم يعثر على شيء مما توقعه على مقربة من المكان. وحين كان منهمكا في عمله هذا عاد الرسول الذي بعثنا به فأخبرنا بأن الباشا كان غير ممتن من المعاملة الظالمة التي عاملنا الموظف بها خلافا لأوامر وقوانين رئيسه السلطان الأكبر ، إذ احتجزنا مثل هذه المدة الطويلة ومنعنا من الملاحة
__________________
(١) اعتاد المؤلف أن يطلق اسم المسلمين على الأعراب بقصد تمييزهم عن الطوائف الأخرى كالمسيحيين واليهود.
(٢) الجزيرة سماها المؤلف باسم غزليت Giselet والذي نراه أن المقصود بذلك هي «جزيرة ابن عمر» التي تدخل الآن ضمن أراضي تركيا.