أعدادا كبيرة منها ولا سيما عندما ينتقل شيخهم من مكان إلى آخر كما ذكر لي ذلك البعض منهم ، فقد يصل عدد تلك الإبل ، بصفة عامة ، إلى مائة وخمسين ألف رأس. ولقد شاهدت أنا بنفسي في إحدى المرات ما بين ثلاثة آلاف وأربعة آلاف بعير. وهذه الإبل من الحيوانات القوية الصبورة الملائمة لحمل الأثقال ، إذ إنها تتحمل العطش في الحر الشديد لمدة ثلاثة أيام متوالية وهي تتبول بين سيقانها الخلفية ولذلك ينبغي على الذين يسيرون وراءها في القافلة أن يكونوا على حذر تام كيلا تصيبهم ببولها!.
ولما كانت خيول الأعراب أصيلة ونظيفة ومناسبة للركوب ، فإنه يندر أن يطعموها أكثر من مرة واحدة في اليوم ، ولو أنهم يمكثون على ظهورها طيلة يوم كامل ويقطعون بها مسافات طويلة من الأرض الخلاء. والمعتاد أن يجزوا الشعر من أطرافها وذيولها فتغدو ذيولها تلك أشبه بذيل الأسد. ونساؤهم وأطفالهم يركبون الحمير الصغيرة والإبل ، إذ يجتمع كل ثلاثة أو أربعة منهم سوية في صناديق (١) ، كما هو مألوف في بلادنا الأوروبية. وهم سمر الألوان أشبه بالغجر عندنا. ويؤلف العبيد السود زهاء الربع منهم ولكن اختلاف اللون ينجم عن كثرة السفر والتجوال من مكان إلى آخر يكثر السود فيه ، وقد يتخلون عن زوجاتهم ليتزوجوا من السود في المكان الذي يأوون إليه.
ولا يضرب شيخ البادية هنا خيامه دوما إلا في الحقول ولا يقيم في أماكن مقفلة أو محاطة ، غير أن مثل هذا قليل في الوقت الحاضر ولا سيما بعد أن نكب بفقدان ولده. ولذلك أخذ يتنقل من مكان إلى آخر
__________________
(١) يقصد بهذه الصناديق الهوادج ، جمع هودج ، التي يستعملها البدو لنقل نسائهم وأطفالهم فيها حيث يوضع هودج واحد على ظهر كل بعير وتركب فيه امرأتان على الأقل مع عدد من الأطفال.