على الجانب الآخر من دجلة بمسافة فرسخ ونصف ، ومدينة «اكست» (١) على بعد فرسخين في الطريق الذاهب إلى فارس.
أمضينا اليوم التالي ، وهو الخامس والعشرون من شهر تشرين الأول ، في شراء بعض الإبل والحمير لننقل عليها بضاعتنا. وبعد أن أنهينا استعدادنا ، رحلنا في صباح اليوم التالي مع القافلة برمتها متوجهين إلى بغداد.
كان الطريق في البداية وعر جدّا ، مليء بالأحجار والأنقاض المتساقطة فيه ، ولكن بعد أن اجتزنا مدينة «دانيال» (٢) وقلعتها ، أخذنا نجتاز صحراء قاحلة لم نر فيها سوى الأشواك ، ولم نشاهد هناك بشرا ولا حيوانات ولا كهوفا أو خياما ، ولذلك كان يصعب كثيرا على الرجل الذي لا يعرف معالم الطريق أن يستدل به ويسير فيه. وهذا ما لاحظته كثيرا بالنسبة إلى دليلنا الذي كانت الحيرة تنتابه عدة مرات (بسبب عدم وجود إشارات تدل على الطريق أو عدم العثور على بشر أو حيوان فيه) في تعيين السبيل الذي ينبغي له أن يسلكه. ولذلك كان في بعض الأحيان يسلك أحد الطرق ثم لا يلبث أن يتركه ليأخذ آخر غيره والقافلة تسير في إثره.
وكنا ، ونحن نسير في هذا السهل ، نشاهد الكثير من الأبنية القديمة الكبيرة العالية المنتظمة والحصون الشاخصة وسط الرمال ، وهي جميلة الشكل متقاربة إحداها من الأخرى على غرار ما نعثر عليه في الأودية ،
__________________
تقع ما بين سلوقية وطيسفون على نهر دجلة.
(١) اكست هي مدينة طيسفون أو سلمان باك الحالية جنوبي بغداد.
(٢) مدينة دانيال أراد بها أطلال دوركوركاليزو المعروفة باسم «عقرقوف» والتي شيدها كوركاليزو أحد الملوك الكشيين في حدود سنة ١٤٨٠ قبل الميلاد وأنشأ فيها «زقورة» ما تزال بقاياها شاخصة حتى اليوم.