البصرة حين تتطلب الضرورة إرسال هذا الحمام برسائل إلى بغداد.
وحين تصل السفن الموسقة بالسلع إلى بغداد يهيئ التجار ، وعلى الأخص تجار الأفاوية الذين ينقلونها عبر الصحراء إلى تركيا ، أماكن خاصة لهم في البساتين على مقربة من مدينة طيسفون (١) حيث يقيم كل واحد منهم في خيمته ليضع الأفاوية في أكياس حفاظا عليها إلى أن يتحركوا كلهم سوية في شكل قافلة ، ولذلك يخيل لمن يراهم من بعيد أنهم جنود ، وليسوا تجارا ، وأن ما يشاهده سلاحا وليس بضاعة تعود للتجار.
ولقد توهمتهم أنا على هذه الشاكلة قبل أن أقترب منهم وأتبينهم جيدا.
وبعض أولئك التجار الذين جاؤوا مع تلك السفن قد أقبلوا على النزل الذي كنا ننزل فيه مباشرة ، وكان من بينهم تاجر مجوهرات جلب معه عدة أحجار كريمة مثل الماس والعقيق الأبيض والذي يصنعون منه مقابض ثمينة للخناجر ، وكذلك الياقوت الأحمر ، والعقيق الأصفر وغيرها. وقد حصل على النوعين الأولين من بمباي (٢) أما البقية فقد جلبها من جزيرة سيلان (٣) حيث أرانا عدة أنواع جميلة منها.
ويحمل التجار هذه المجوهرات معهم في قوافل كبيرة ويحتفظون بها بشكل خاص لا يمكن العثور عليها من قبل دوائر الكمرك كيلا تصادر
__________________
(١) طيسفون Ctesiphon هو الاسم الذي أطلقه اليونانيون على «المدائن» التي أنشئت في العراق في القرن الرابع للميلاد وفيها إيوان كسرى الشهير الذي لا زالت أطلاله قائمة وتعرف طيسفون الآن باسم «سلمان باك» نسبة إلى سلمان الفارسي حلاق الرسول محمد صلىاللهعليهوسلم الذي دفن فيها.
(٢) سماها الرحالة باسم كومباي Comby وهو خطأ فاضح إما عند النقل أو السماع.
(٣) ذكرها الرحالة باسم تسليون Zlyon وهو الاسم المستعمل لدى الألمان عادة وقد أطلق العرب على سيلان اسم «سرنديب».