منهم ، وذلك ما يسعى إليه الباشا بكل ما لديه من قوة وسلطان. فالأتراك لا يحبون الأحجار الكريمة لأنها تكلفهم أموالا ، فهم جشعون بصفة غير اعتيادية حيث لا تجد إلا قلة منهم يقتنونها ، لكنهم إن استطاعوا الحصول عليها بلا ثمن بطريقة المصادرة فإنهم يحبونها حبّا جمّا ويحافظون عليها بحرص شديد.
ويحتفظ هؤلاء التجار في بيوتهم بمجوهرات أخرى يبعثون بها ثانية إلى الهند كالمرجان والزمرد اللذين يكثر الإقبال على شرائهما في مصر ، وكذلك الزعفران والتوت والكرز ، وعدة أنواع من الفاكهة كالزبيب والتمور ، والتين واللوز وغيرها.
ولكن فوق هذا كله يصدرون الخيول الجميلة فيرسلون عددا وفيرا منها إلى الهند عن طريق فارس ، ولكن معظمها يرسل بطريق هرمز (١) حيث يتلقى ملك البرتغال كل سنة مبلغا طيبا من المال بصفة رسوم تبلغ أربعين دوقة (٢) لكل رأس من الخيل ، ذلك لأن الذين يستوردون الخيول ، كما أنبئت ، يدفعون نصف الرسوم عن سلعهم الأخرى إلى دائرة الكمارك ومن ثم يبيعونها بأرباح طيبة.
وبعض هذه الخيول تصدر ، بسبب جمالها وأصالتها ، إلى سوريا والأناضول ، وإلى بلادنا في أوروبا حيث تباع أو تهدى إلى الأمراء وغيرهم من الشخصيات البارزة.
وتطعم الخيول في هذه البلدان ، الشعير والكلأ ، فيوضع هذا العلف
__________________
(١) هي جزيرة هرمزOrmutz في الخليج العربي وكانت في عهد الرحالة راوولف خاضعة للبرتغاليين الذين احتلوها سنة ١٥٢١ م ومكثوا فيها قرنا كاملا إلى أن طردهم الإنكليز بمساعدة العرب والفرس سنة ١٦٢٢ م (انظر كتابنا : الصراع على الخليج العربي طبعة ١٩٦٦).
(٢) الدوقة عملة فينيسية قديمة تعادل الواحدة منها ستة شلنات إنكليزية أو ما يعادل ثلاثمائة فلس قبل خفض قيمة الباون الإنكليزي.