لم يكن رفاقي المسافرون معي يعرفونها ، كما أن الأكراد لا يستطيعون التحدث لا بالفارسية أو التركية الشائعة الاستعمال ما بين بغداد وآشور. وذلك اضطرنا إلى من يعرفون اللغة الكردية أن يكونوا بمثابة مترجمين لنا أثناء مرورنا ببلاد الأكراد.
أما إذا كانت اللغة الكردية منتشرة في بلاد ماذي أم لا فذلك أمر لم أستطع التأكد منه ، إذ إن كلّا من الفرثيين والماذيين والفرس ، كأمم محددة معروفة ، كانت لهم لغاتهم الخاصة بهم ، كما يحدثنا التاريخ عن ذلك وكما نطلع عليه أيضا من «أعمال الرسل» حيث تقول الآية الثامنة من الإصحاح الثاني «وكيف نصغي إلى كل رجل يتحدث بلساننا في الوقت الذي كنا قد خلقنا فيه».
فالفرثيون والماذيون والفرس وسكان ما بين النهرين وغيرهم كلهم من الشعوب التي تخضع اليوم لحكم ملك فارس.
وكان الأكراد يعرفون قبلا باسم «كردوخي» Carduchi ثم عرفوا باسم «كردواني» Cardueni وهذا الاسم قد سماهم به «زينفون» بصفة خاصة (١).
وكانت للأكراد سياستهم وحكومتهم ، ولكن بعد تبدلات وحروب كثيرة أخضعوا في النهاية لحكم السلطان التركي ، وهم لا يزالون يخضعون له حتى هذا اليوم وهو يحتفظ بحامياته العسكرية في كل مكان لمواجهة ملك فارس.
__________________
أيضا. وقد نزح معظم اليهود الأكراد مع بقية اليهود الآخرين من العراق إلى فلسطين المحتلة بعد سنة ١٩٥٠ م.
(١) زينفون Zenophon (٤٤٤ ـ ٣٥٩ ق. م) فيلسوف وقائد يوناني معروف اشتهر بحملته التي قاد فيها عشرة آلاف يوناني لمناصرة كورش الصغير ملك فارس ضد أخيه أردشير وقد تراجعت هذه الحملة على امتداد نهر دجلة إلى آسيا الصغرى.