ومما يجب التحدث به عن هؤلاء الأكراد ما يتعلق بديانتهم ، ولسوف أشير إلى ذلك فيما بعد حين أقدم لك قدرا من الحديث عن المسيحيين الذين يسكنون في معبد يقوم على جبل (الصلب) (١) في القدس.
بعد أن ولى اليوم الذي سبت فيه رفاقي اليهود استأنفنا مسيرتنا فوصلنا في السادس والعشرين من كانون الأول إلى «كركوك» وهي مدينة جميلة وكبيرة تقع في سهل كثير الخصب. وعلى بعد أربعة أميال منها تقع مدينة أخرى على مرتفع (٢) ولما كانت لرفاقي أشغال في المدينتين فقد أمضينا فيها يومين قبل أن نواصل سفرتنا.
أمضينا اليوم التاسع والعشرين من الشهر في مسيرة عبر مروج واسعة حتى وصلنا ليلا إلى خيام صنعت من نسيج الشعر أمضينا الليلة في واحدة من هذه الخيام مع أناس فقراء من العرب بيض الوجوه يشبهون الغجر في أشكالهم وسحناتهم. ولم أستطع أن أقدر من نوع الملابس التي كانوا يرتدونها ما إذا كانوا يخضعون للسلطان التركي أم لملك فارس ، لأنهم كانوا جميعا يرتدون ذات اللباس ، كما أنني لم أستطع أن أميز شيئا في لغتهم.
بعد قليل أقبل علينا مسافرون آخرون حلوا معنا وبذلك أصبح من المتعذر علينا أن نجد مكانا ننام فيه. وكان القوم جد كرماء إذ انهمكوا في
__________________
(١) ذكر راوولف هذا الجبل باسم كلفارياCalvaria وهو الجبل الذي قيل إن السيد المسيح ـ عليهالسلام ـ قد صلب فوقه ولذلك سمي باسم جبل الصلب أو جبل الجلجلة.
(٢) لا توجد مدينة أخرى تبعد أربعة أميال عن كركوك كما ذكر ذلك راوولف ولكن الشيء الذي يخيل إلينا أن هذه المدينة هي قلعة كركوك أو «القورية» التي تقع على الضفة الشرقية من نهر «خاصة صو» بينما يقع القسم الآخر من كركوك على الضفة الغربية منه ، ولذلك خيل إلى راوولف أن القسمين يؤلفان مدينتين منفصلتين.